عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

وقد يقع التركيب في هيئة السكون كما في قوله في صفة كلب: ½يُقْعِيْ جُلُوْسَ الْبَدَوِيِّ الْمُصْطَلِيْ¼ من الهيئةِ الحاصلةِ من موقعِ كلّ عضوٍ منه في إقعائه, والعقليُّ كحِرمان الانتفاع بأبلغ نافع مع تحمّل التعب في استصحابه في قوله تعالى: ﴿ مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ﴾ [الجمعة:٥], واعلم أنه قد يُنتزَع من متعدِّد فيقع الخطأ لوجوب انتزاعه من أكثر كما إذا انتزع من الشطر الأوّل من قوله: كَمَا أَبْرَقَتْ قَوْمًا عِطَاشًا غَمَامَةٌ * فَلَمَّا رَأَوْهَا أَقْشَعَتْ وَتَجَّلَتِ لوجوب انتزاعه من الجميع؛ فإنّ المراد التشبيه.

(وقد يقع التركيب في هيئة السكون كما في قوله) أي: قول المتنبّي (في صفة كلب: ½يُقْعِيْ) أي: يجلس ذلك الكلب على أليتيه (جُلُوْسَ) الرجل (الْبَدَوِيِّ) نسبة إلى البادية (الْمُصْطَلِيْ¼) اسم فاعل من ½اصطلى بالنار¼ (من الهيئةِ) بيان لـ½مَا¼ في قوله ½كما¼ أي: كالتركيب في هيئةِ السكون (الحاصلةِ من موقعِ) أي: وقوع (كلّ عضوٍ منه) أي: من الكلب (في) حال (إقعائه) فلكلِّ عضوٍ منه في إقعائه سكونٌ خاصٌّ ولمجموع أعضائه هيئة خاصّة مركّبة من تلك السكونات وكذا صورة جلوس البدويّ عند اصطلائه بالنار الموقَدة (و) وجهُ الشبه المركّبُ (العقليُّ كحِرمان الانتفاع) الحرمان مصدر ½حَرَِمَهُ الشَيْءَ¼ أي: منعه الشيء, وهو مضاف لمفعوله الثاني (بأبلغ نافع) صلة للانتفاع (مع) متعلِّق بالحرمان (تحمّل التعب) الكائن (في استصحابه) أي: استصحاب أبلغ نافع, فهذا وجه الشبه المركّب العقليّ في تشبيه اليهود بالحمار (في قوله تعالى: ﴿ مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ يَحۡمِلُ أَسۡفَارَۢاۚ) لأن هذا الوجه هيئة منتزَعة من عدة أمور أي: من حمل الحمار وكون المحمول وعاء للعلم وعدم الانتفاع بما فيه مع تحمّل التعب وكذا في جانب المشبّه, ثمّ الأسفار جمع سِفْر وهو الكتاب (واعلم أنه) أي: وجه الشبه (قد يُنتزَع) أي: يُلاحَظ عند السامع (من متعدِّد فيقع الخطأ لوجوب انتزاعه من أكثر) من ذلك المتعدِّد, فبالاقتصار على ذلك المتعدِّد يبطل المعنى المراد (كما إذا انتزع) وجه الشبه (من الشطر الأوّل من قوله) أي: قول الشاعر (كَمَا أَبْرَقَتْ قَوْمًا عِطَاشًا غَمَامَةٌ *) أي: كظهور غمامةٍ لقومٍ عِطاشٍ, فـ½مَا¼ في ½كَمَا¼ مصدريّة و½قَوْمًا¼ منصوب بنزع الخافض (فَلَمَّا رَأَوْهَا أَقْشَعَتْ وَتَجَلَّت) أي: اضمحلّت وذهبت, فانتزاع وجه الشبه من مجرّد الشطر الأوّل خطأٌ (لوجوب انتزاعه من الجميع) أي: لأنه يجب هنا أن يُنتزَع من جميع البيت (فإنّ المراد التشبيه) أي: تشبيه حالِ مَن ظهر له شيء وهو في غاية الحاجة إليه ثمّ انعدم بعد ظهوره فبقي آئسًا ممّا يرجيه بحالِ ظهورِ غمامةٍ للقوم العطاش ثمّ ذهابِها وبقائِهم متحيّرين


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229