عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

﴿ وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ ﴾ [الكهف:٤٥], وقد يُذكَر فعل يُنبِئ عنه كما في ½علمتُ زيدًا أسدًا¼ إنْ قرُب و½حسبتُ¼ إنْ بعُد, والغرض منه في الأغلب يعود إلى المشبّه, وهو بيانُ إمكانِه كما في قوله: فَإِنْ تَفُقِ الْأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ * فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ, أو حالِه كما في تشبيه ثوب بآخر في السَواد, أو مقدارِها كما في تشبيهه بالغراب في شدّته, أو تقريرُها كما في تشبيهِ مَن لا يحصل من سعيه على طائل بمن يرقم على الماء, وهذه الأربعة تقتضي أن يكون وجه الشبه في المشبّه به أتمّ........................................

(﴿وَٱضۡرِبۡ لَهُم مَّثَلَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا كَمَآءٍ أَنزَلۡنَٰهُ) مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَٱخۡتَلَطَ بِهِۦ نَبَاتُ ٱلۡأَرۡضِ فَأَصۡبَحَ هَشِيمٗا تَذۡرُوهُ ٱلرِّيَٰحُۗ﴾ فليس المراد تشبيه حال الدنيا بالماء بل المراد تشبيه حالها في النضارةِ والبهجةِ فالهلاكِ والفناءِ بحال النبات الحاصل من الماء يكون أخضر ناضرًا ثمّ ييبس فتطيره الرياح كأن لم يكن (وقد يُذكَر فعل يُنبِئ عنه) أي: عن التشبيه (كما) أي: كفعلٍ (في) قولك (½علمت زيدًا أسدًا¼) ويستعمل ½علمت¼ (إنْ قرُب) التشبيه (و½حسبت) زيدًا أسدًا¼ ويستعمل ½حسبت¼ (إنْ بعُد) التشبيه (والغرض منه) أي: من التشبيه (في) الاستعمال (الأغلب يعود إلى المشبّه) لأنّ الغرض بمنزلة الحكم والتشبيه بمنزلة القياس والمشبّه بمنزلة المقيس وحكم القياس يعود إلى المقيس (وهو) أي: والغرض العائد إلى المشبّه (بيانُ إمكانِه) أي: بيان أنّ المشبّه أمر ممكن (كما في قوله) أي: قول المتنبّي (فَإِنْ تَفُقِ الْأَنَامَ وَأَنْتَ مِنْهُمْ *) ففيه ادّعاء أنّ الممدوح قد فاق الناس في الأوصاف وصار نوعًا آخر أشرف من الإنسان, وهذا أمر غريب يفتقر من يدّعيه إلى إثبات إمكانه فقال (فَإِنَّ الْمِسْكَ بَعْضُ دَمِ الْغَزَالِ) ولكن لا يعدّ في الدِماء لما فيه من الأوصاف الشريفة, والتشبيه هنا ضمنيّ لأنه ذكر في الكلام لازمَ التشبيه أي: وجهَ الشبه وهو فوقان الأصل وأراد الملزومَ أي: تشبيهَ حال الممدوح بحال المسك (أو) هو بيان (حالِه) أي: بيان أنّ المشبّه على أيّ وصف من الأوصاف (كما في تشبيه ثوب بـ) ثوب (آخر في السَواد) نحو ½ذلك الثوب كهذا في السواد¼ (أو) هو بيان (مقدارِها) أي: كميّة حال المشبّه في القوّة والضعف والزيادة والنقصان (كما في تشبيهه) أي: تشبيه الثوب الأسود (بالغراب في شدّته) أي: في شدّة السواد نحو ½ذلك الثوب كالغراب¼ (أو) هو (تقريرُها) أي: تقوية حال المشبّه في نفس السامع (كما في تشبيهِ مَن لا يحصل من سعيه على طائل) أي: على فائدة (بمن يرقم) أي: يخطط (على الماء) نحو ½زيد في سعيه كالراقم على الماء¼ ففي هذا التشبيه تقرير عدم الفائدة الذي هو حال المشبّه في نفس السامع (وهذه) الأغراض (الأربعة تقتضي أن يكون وجه الشبه في المشبّه به أتمّ) أي: أقوى منه في المشبّه


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229