وفي الثانية تصريح مّا لتضمّن الصفةِ الضميرَ أو خفيّةٌ كقولهم كنايةً عن الأبله: ½عريض القفا¼, وإنْ كان بواسطة فبعيدة كقولهم: ½كثير الرماد¼ كنايةً عن المِضياف؛ فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدور ومنها إلى كثرة الطبائخ ومنها إلى كثرة الأكَلَة ومنها إلى كثرة الضِيفان ومنها إلى المقصود, الثالثة المطلوب بها نِسبةٌ كقوله: إِنَّ السَمَاحَةَ وَالْمُرُوْءَةَ وَالنَدَى * فِيْ قُبَّةٍ ضُرِبَتْ عَلَى ابْنِ الْحَشْرَج؛ فإنه أراد أن يُثبِت اختصاصَ ابن الحَشْرَج بهذه الصفات فترك التصريح.................................
لأنّ الفاعل بـ½طويل¼ هو النجاد لينتقل منه إلى طولِ قامةِ فلان (وفي) الكناية (الثانية) منهما وهي ½طويلُ النِجادِ¼ (تصريح مّا) أي: نوعُ تصريحٍ بالمعنى المطلوب؛ وذلك (لتضمّن الصفةِ) التي هي لفظ ½طويل¼ (الضميرَ) الراجع للموصوف فكأنه قيل ½فلان طويل¼ فهي كناية مشوبة بالتصريح (أو خفيّة) معطوف على ½واضحة¼ أي: وإنْ لم يكن الانتقال بواسطةٍ فهي كناية قريبة خفيّة تحتاج في الانتقال للمراد إلى تأمّل (كقولهم كنايةً عن الأبله) وهو البليد: ½فلان (عريض القفا¼) فإنّ الانتقال من عَرض القفا إلى البلاهة يحتاج إلى تأمّل (وإنْ كان) الانتقال من الكناية إلى المطلوب (بواسطة فـ) هي كناية (بعيدة كقولهم) ½فلان (كثير الرماد¼) حال كون هذا القول (كنايةً عن المِضياف) أي: عن كثير الضيافة, فكثرة الرماد كناية عن المضيافيّة بكثرة الوسائط كما أشار إليه بقوله (فإنه) أي: لأنّ الشأن (ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدور ومنها) أي: ومن كثرة الإحراق (إلى كثرة الطبائخ) جمع الطبيخ بمعنى المطبوخ (ومنها) أي: ومن كثرة الطبائخ (إلى كثرة الأكَلَة) جمع آكل (ومنها) أي: ومن كثرة الأكَلَة (إلى كثرة الضِيفان) جمع ضيف (ومنها) أي: ومن كثرة الضيفان (إلى المقصود) وهو المِضْياف, وحاصل ما ذكره من الأقسام أنّ الكناية المطلوب بها صفةٌ إمّا قريبةٌ أو بعيدةٌ والقريبةُ إمّا واضحةٌ أو خفيّةٌ والواضحةُ إمّا ساذجةٌ أو مشوبةٌ بالتصريح (الثالثة) من الأقسام الثلاثة (المطلوب بها) أي: المكنيّ عنه بالكناية (نِسبةٌ) أي: إثباتُ أمر لأمر أو نفيُه عنه (كقوله) أي: قول زياد الأعجم في عبد الله بن الحَشْرَج (إِنَّ السَمَاحَةَ) وهي بذلُ ما لا يجب بذله من المال عن طيب نفس (وَالْمُرُوْءَةَ) وهي سعة الإحسان بالأموال وغيرها (وَالنَدَى *) وهو بذل الأموال الكثيرة لاكتساب الأمور الجليلة العامّة كالثناء من كلّ أحد (فِيْ قُبَّةٍ ضُرِبَتْ عَلَى ابْنِ الْحَشْرَج) فهذه كنايةٌ مطلوبٌ بها النسبةُ (فإنه) أي: لأنّ الشاعر (أراد أن يُثبِت اختصاصَ ابن الحَشْرَج بهذه الصفات) أي: أراد أن يُثبِتها له (فترك التصريح) بإثباتها له