عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

ثم ما طالت قرينته الثانية نحو: ﴿ وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ 1 مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ﴾ [النجم:١-٢] أو الثالثة نحو: ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ 30 ثُمَّ ٱلۡجَحِيمَ صَلُّوهُ ﴾ [الحاقة:٣٠-٣١], ولا يحسن أن يُؤتَى بقرينةٍ أقصرَ منها كثيرًا, والأسجاع مبنيّة على سكون الأعجاز كقولهم: ½مَا أَبْعَدَ مَا فَاتْ وَمَا أَقْرَبَ مَا هُوَ آتْ¼, قيل: ولا يقال ½في القرآن أسجاع¼ بل يقال ½فواصل¼, وقيل: السجع غير مختصّ بالنَثْر ومثاله من النظم قوله: تَجَلَّى بِهِ رُشْدِيْ وَأَثَرَتْ بِهِ يَدِيْ * وَفَاضَ بِهِ ثِمْدِيْ وَأَوْرَى بِهِ زَنْدِيْ, ومن السجع على هذا القول ما يُسمّى التشطيرَ وهو جعلُ كلٍّ من شَطْرَي البيتِ سجعة مخالِفة لأختها كقوله: تَدْبِيْرُ مُعْتصِمٍ بِاللهِ مُنْتَقِمٍ * للهِ مُرْتَغِبٍ فِي اللهِ مُرْتَقِبٍ,

كلٍّ مركّبةً من كلمتين ( ثم) أحسن السجع (ما طالت قرينته الثانية نحو) قوله تعالى: (﴿وَٱلنَّجۡمِ إِذَا هَوَىٰ 1 مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمۡ وَمَا غَوَىٰ) فالقرينة الثانية أكثر من الأولى في الكلمات (أو) طالت قرينته (الثالثة نحو) قوله تعالى: (﴿خُذُوهُ فَغُلُّوهُ 30 ثُمَّ ٱلۡجَحِيمَ صَلُّوهُ) فالقرينة الثالثة أكثر من كلٍّ ممّا قبلها (ولا يحسن أن يُؤتَى) بعد قرينةٍ (بقرينةٍ) أخرى (أقصرَ منها) أي: من الأولى (كثيرًا) أي: قصرًا كثيرًا, وهذا احتراز عن نحو قوله تعالى: ﴿ َلَمۡ تَرَ كَيۡفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصۡحَٰبِ ٱلۡفِيلِ 1 أَلَمۡ يَجۡعَلۡ كَيۡدَهُمۡ فِي تَضۡلِيلٖ﴾ [الفيل:١-٢] (والأسجاع مبنيّة على سكون) أواخر (الأعجاز) أي: فواصل القرائن (كقولهم ½مَا أَبْعَدَ مَا فَاتْ وَمَا أَقْرَبَ مَا هُوَ آتْ¼) وكما في ½دَعَا¼ أمرًا و½دَعَا¼ ماضيًا (قيل ولا يقال ½في القرآن أسجاع¼ بل يقال) ½في القرآن (فواصل¼) تعظيمًا للقرآن؛ إذ السجع في الأصل هدير الحمام ونحوه (وقيل السجع غير مختصّ بالنَثْر) بل يكون في النظم أيضًا (ومثاله) أي: مثال السجع (من النظم قوله) أي: قول أبي تمّام (تَجَلَّى بِهِ رُشْدِيْ) أي: ظهر بالممدوح بلوغي للمقاصد, هذه قرينة أولى (وَأَثَرَتْ) أي: صارت ذا ثروة (بِهِ يَدِيْ *) هذه قرينة ثانية (وَفَاضَ بِهِ ثِمْدِيْ) أي: كثر به مالي القليل, وهذه قرينة ثالثة (وَأَوْرَى) أي: صار ذا نارٍ (بِهِ زَنْدِيْ) وصيروةُ زَنْدِه ذا نارٍ كنايةٌ عن ظفره بالمطلوب (ومن السجع على هذا القول) أي: على القول بعدم اختصاص السجع بالنثر (ما يُسمّى التشطيرَ وهو) أي: التشطير (جعلُ كلٍّ من شَطْرَي البيتِ سجعة مخالِفة لأختها) أي: للسجعة التي في الشطر الآخَر (كقوله) أي: قول أبي تمّام في مدح المعتصم بالله حين فتح "عمورية" بلدة بالروم (تَدْبِيْرُ مُعْتصِمٍ بِاللهِ) وهو الممدوح (مُنْتَقِمٍ * للهِ) لا لِحَظِّ نفسِه (مُرْتَغِبٍ فِي اللهِ) أي: راغبٍ فيما يقرّبه من رضوان الله تعالى (مُرْتَقِبٍ) من الله, أي: منتظرٍ ثوابَه أو خائفٍ عقابَه, فالشطر الأوّل محتوٍ على سجعتين مبنيّتين على الميم والشطر الثاني محتوٍ على سجعتين مبنيّتين على الباء


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229