عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

وإن كان مثله فـأبعَدُ من الذمّ والفضل للأوّل كقول أبي تمّام: لَوْ حَارَ مُرْتَادُ الْمَنِيَّةِ لَمْ يَجِدْ * إِلاَّ الْفِرَاقَ عَلَى النُفُوْسِ دَلِيْلاً وقول أبي الطيّب: لَوْلاَ مُفَارَقَةُ الْأَحْبَابِ مَا وَجَدَتْ * لَهَا الْمَنَايَا إِلَى أَرْوَاحِنَا سُبُلاً, وإن أُخِذَ المعنى وحدَه سمّي إِلْمَامًا وسَلْخًا, وهو ثلاثة أقسامٍ كذلك, أوّلها كقول أبي تمّام: هُوَ الصُنْعُ إِنْ يَعْجَلْ فَخَيْرٌ وَإِنْ يَرِثْ * فَلَلرَيْثُ فِيْ بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنْفَعُ وقولِ أبي الطيِّب وَمِنَ الْخَيْرِ بُطْءُ سَيْبِكَ عَنِّي * أَسْرَعُ السُحْبِ فِي الْمَسِيْرِ الْجَهَامُ, وثانيها كقول البحتري: وَإِذَا تَأَلَّقَ فِي النَدِيِّ كَلاَمُهُ الْـ * مَصْقُوْلُ خِلْتَ لِسَانَهُ مِنْ عَضْبِهِ وقولِ أبي الطـيِّب كَأَنَّ أَلْسُنَهُمْ فِي الـنُطْقِ قَدْ جُعِلَتْ * عَلَى رِمَاحِهِمْ فِي الطَعْـنِ خُرْصَانَا,

الثاني لأبي تمّام لكن الأوّل أجود سبكًا (وإن كان) الثاني (مثله) أي: مثل الأوّل في الحسن (فـ) الثاني (أبعَدُ من الذمّ) أي: بعيد منه, فـ½أفعل¼ هنا ليس على بابه (والفضل للأوّل) لا للثاني (كقول أبي تمّام: لَوْ حَارَ) أي: تحيّر (مُرْتَادُ الْمَنِيَّةِ) أي: الطالب الذي هو المنيّة, فالإضافة بيانيّة (لَمْ يَجِدْ * إِلاَّ الْفِرَاقَ عَلَى النُفُوْسِ دَلِيْلاً) مفعول ½يَجِدْ¼, يعني لو تحيّرت المنيّة في وصولها لهلاك النفوس لم تجد لها طريقًا إلاّ فراق الأحبّة (وقول أبي الطيّب) المتنبّي (لَوْلاَ مُفَارَقَةُ الْأَحْبَابِ مَا وَجَدَتْ * لَهَا الْمَنَايَا إِلَى أَرْوَاحِنَا سُبُلاً) فأخذ أبو الطيّب المعنى كلّه مع بعض اللفظ واللفظان متساويان في البلاغة فالثاني غير مذموم (وإن أُخِذَ المعنى وحدَه) أي: دون شيء من اللفظ (سمّي) هذا الأخذ (إِلْمَامًا وسَلْخًا وهو) أي: السلخ (ثلاثة أقسامٍ كذلك) أي: مثل المَسْخ لأن الثاني في السلخ أيضًا إمّا أبلغ من الأوّل فيكون ممدوحًا أو دونه فيكون مذمومًا أو مثله فيكون بعيدًا من الذمّ (أوّلها) أي: أوّل الأقسام الثلاثة وهو ما يكون فيه الثاني أبلغ من الأوّل (كقول أبي تمّام: هُوَ الصُنْعُ) أي: الشأن أنّ الإحسان (إِنْ يَعْجَلْ فَخَيْرٌ وَإِنْ يَرِثْ *) أي: وإن يتأخّر (فَلَلرَيْثُ) أي: فلَلتأخُّر (فِيْ بَعْضِ الْمَوَاضِعِ أَنْفَعُ وقولِ أبي الطيِّب) بعده (وَمِنَ الْخَيْرِ بُطْءُ سَيْبِكَ) أي: تأخّرُ عطائك (عَنِّي * أَسْرَعُ السُحْبِ فِي الْمَسِيْرِ الْجَهَامُ) أي: السحابُ الذي لا ماء فيه, وأمّا السحاب التي فيها ماء فإنها بطيئة المشي فكذا حال العطاء, فمعنى البيتين واحد لكنّ بيت المتنبّي يختصّ بزيادة البيان لأنه اشتمل على ضرب المثل بالسحاب (وثانيها) أي: وثاني الأقسام الثلاثة وهو ما يكون فيه الثاني دون الأوّل (كقول البحتري: وَإِذَا تَأَلَّقَ فِي النَدِيِّ) أي: وإذا لمع في المجلس (كَلاَمُهُ الْـ * مَصْقُوْلُ) أي: المصفّى من كلّ ما يشينه (خِلْتَ لِسَانَهُ مِنْ عَضْبِهِ) أي: ظننتَ أنّ لسانَه سيفُه القاطع, فشبّه لسانه بسيفه بجامع التأثير (وقولِ أبي الطيِّب) بعده (كَأَنَّ أَلْسُنَهُمْ فِي النُطْقِ) أي: عند النطق (قَدْ جُعِلَتْ * عَلَى رِمَاحِهِمْ فِي الطَعْنِ) أي: عند الضرب بالقنا (خُرْصَانَا) مفعولٌ ثانٍ لـ½جُعِلَتْ¼ جمعُ خُرص


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229