عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

كقوله: فَوَاللهِ مَا أَدْرِيْ أَأَحْلاَمُ نَائِمٍ * أَلَمَّتْ بِنَا أَمْ كَانَ فِي الرَكْبِ يُوْشَعُ, أشار إلى قصّةِ يُوشَعَ عليه السلام واستيقافِه الشمسَ, وكقوله: لَعَمْرٌو مَعَ الرَمْضَاءِ وَالنَارِتَلْتَظِىْ * أَرَقُّ وَأَحْفَى مِنْكَ فِيْ سَاعَةِ الْكَرْبِ, أشار إلى البيت المشهور: اَلْمُسْتَجِيْرُ بِعَمْرٍو عِنْدَ كُرْبَتِهِ * کَالْمُسْتَجِيْرِ مِنَ الرَمْضَاءِ بِالنَارِ. فصل: ينبغي للمتكلّم أن يتأنّق في ثلاثة مواضع من كلامه حتّى تكون أعذبَ لفظًا وأحسنَ سبْكًا وأصحَّ معنًى, أحدها الابتداء كقوله: ½قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ¼, وكقوله: قَصْرٌ عَلَيْهِ تَحِيَّةٌ وَسَلاَمُ * خَلَعَتْ عَلَيْهِ جَمَالَهَا الأَيَّامُ,

(كقوله) أي: قول أبي تمّام (فَوَاللهِ مَا أَدْرِيْ أَأَحْلاَمُ نَائِمٍ *) جمع حُلم ما يراه النائم في النوم (أَلَمَّتْ) أي: نَزَلتْ (بِنَا أَمْ كَانَ فِي الرَكْبِ يُوْشَعُ) يقول تجاهُلاً خَلَط عليّ الأمرُ فلم أدرِ هل أنا نائم وما رأيتُه حُلمٌ أم شمسُ وجهِ الحبيب نزلت بالركب فعاد ليلهم نهارًا أم حضر يوشع على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام فردّ الشمسَ عن الغروب (أشار) فيه أبو تمّام (إلى قصّةِ يُوشَعَ) على نبيّنا و(عليه) الصلاة و(السلام و) إلى (استيقافِه الشمسَ) أي: طلبِه من الله تعالى وقوفَها (وكقوله: لَعَمْرٌو) اللام للابتداء (مَعَ الرَمْضَاءِ) صفة لـ½عمرو¼, والرمضاء أرض حارّة تحترق فيها القدم (وَالنَارِ) بالجرّ عطفًا على ½الرَمْضَاءِ¼ (تَلْتَظِيْ *) أي: تتوقّد, حال من النار (أَرَقُّ) أي: أرْحَمُ, خبر المبتدأ (وَأَحْفَى) أي: أشدُّ لُطْفًا (مِنْكَ) أيّها المخاطَب (فِيْ سَاعَةِ الْكَرْبِ) وهو الغمّ الذي يأخذ النفس (أشار) الشاعر فيه (إلى البيت المشهور: اَلْمُسْتَجِيْرُ بِعَمْرٍو عِنْدَ كُرْبَتِهِ * کَالْمُسْتَجِيْرِ مِنَ الرَمْضَاءِ بِالنَارِ) أي: كالفارّ من الرمضاء إلى النار (فصل ينبغي للمتكلّم أن يتأنّق) أي: يتتبّع الكلامَ الأحسنَ (في ثلاثة مواضع من كلامه حتّى) أي: إلى أنْ (تكون) تلك المواضع (أعذبَ لفظًا) أي: أبعد عن الثقل (وأحسنَ سبْكًا) أي: أبعد عن التعقيد اللفظيّ (وأصحَّ معنًى) أي: أزيد في صحّة المعنى (أحدها) أي: أحد المواضع الثلاثة (الابتداء) لأنه إذا كان الابتداء بالمثابة المذكورة أقبل السامع على الكلام فوعاه وإلاّ أعرض عنه وإن كان حسنًا (كقوله) أي: قول امرئ القيس في ذكر الأحبّة والمنازل (½قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيْبٍ وَمَنْزِلِ¼) فأفاد الوقوف والاستيقاف والبكاء والاستبكاء وذكر الحبيب ومنزله بلفظ مسبوك, ونبّه المصـ بإيراده شطرَ البيت على أنه يكفي في حسن الابتداء حسنُ المصراع (وكقوله) أي: قول أشجع السُلْمَى في تهنئة البناء (قَصْرٌ عَلَيْهِ تَحِيَّةٌ وَسَلاَمُ * خَلَعَتْ) أي: نزعت وطرحت (عَلَيْهِ جَمَالَهَا الأَيَّامُ) فيه تشبيه الأيّام برجل له لباس جميل, ومن حسن الابتداء في الرفق والرحمة قولُه: أَتَظُنُّنِيْ مِنْ زِلَّةٍ أَتَعَتَّبُ * قَلْبِيْ عَلَيْكَ أَرَقُّ مِمَّا تَحْسَبُ أي: لا أعاتبك على زلّة


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229