عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

وَمَرُّ الْعَشِيِّ على المجاز ما لم يُعلَم أو يُظنّ أنّ قائله لم يعتقد ظاهرَه كما استدلّ على أنّ إسناد ½مَيَّزَ¼ في قول أبي النجم: مَيَّزَ عَنْهُ قُنْزُعًا عَنْ قُنْزُعٍ * جَذْبُ اللَيَالِي ابْطَئِيْ أَوِ اسْرَعِيْ. مجاز بقوله عقيبَه: ½أَفْنَاهُ قِيْلُ اللهِ لِلشَمْسِ اطْلُعِيْ¼، وأقسامه أربعة لأنّ طرفيه إمّا حقيقتان نحو: ½أَنْبَتَ الرَبِيْعُ الْبَقْلَ¼ أو مجازان نحو: ½أَحْيَى الْأَرْضَ شَبَابُ الزَمَانِ¼ أو مختلفان نحو: ½أَنْبَتَ الْبَقْلَ شَبَابُ الزَمَانِ¼ و½أَحْيَى الْأَرْضَ الرَبِيْعُ¼ وهو في القرآن كثير: ﴿ وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا ﴾ [الأنفال:٢]    

(وَمَرُّ الْعَشِيِّ) عطف على الفاعل, وهو ذهابها بعد حضورها, أي: لم يحمل إسناد ½أشاب¼ و½أفنى¼ إلى كرّ الغداة ومرّ العشيّ (على المجاز ما) دام (لم يُعلَم أو يُظنّ أنّ قائله لم يعتقد ظاهرَه) وهو أنّ المُشيب والمُفني هو الزمان, فإن كان القائل مؤمنًا كان ظهور إيمانه قرينة على إرادة خلاف الظاهر فيكون مجازًا وإلاّ كان حقيقة لعدم التأوّل كما في قول الجاهل والكاذب (كما استدلّ) أي: مثل الاستدلال (على أنّ إسناد ½مَيَّزَ¼) إلى جذب الليالي (في قول أبي النجم: مَيَّزَ عَنْهُ) أي: عن رأسي (قُنْزُعًا عَنْ قُنْزُعٍ) هو الشَعر المجتمع في نواحي الرأس (جَذْبُ اللَيَالِي) فاعل ½ميّز¼ أي: اختلافها ذَهابًا وإيابًا (أبْطِئِيْ أَوِ اسْرَعِيْ) أي: ابطئي أيتها الليالي أو اسرعي فلا أبالي بعد فنائي وهرمي كيف كنتِ (مجاز) خبر ½أنّ¼ (بقوله) متعلِّق بـ½استدلّ¼ (عقيبَه) ظرف للقول في ½بقوله¼ (½أَفْنَاهُ) أي: جعل أبا النجم مُشرِفًا على الفناء (قِيْلُ اللهِ) أي: إرادة الله وأمره (لِلشَمْسِ اطْلُعِيْ¼) فإنّ هذا القول يدلّ على أنّ الشاعر يعتقد أنّ المؤثِّر هو الله تعالى فإسناد التمييز إلى الزمان في قوله الأوّل يكون مجازًا (وأقسامه) أي: أقسام المجاز العقليّ باعتبار طرفيه (أربعة لأنّ طرفيه) أي: طرفي المجاز العقليّ المسند والمسند إليه (إمّا حقيقتان) أي: مستعملان فيما وضعا له لغةً (نحو) قول المؤمن (½أَنْبَتَ الرَبِيْعُ الْبَقْلَ¼) فكلٌّ من الإنبات والربيع مستعمل في معناه الموضوع له لغةً (أو مجازان) أي: مستعملان في غير ما وضعا له لغةً (نحو) قول الموحّد (½أَحْيَى الْأَرْضَ شَبَابُ الزَمَانِ¼) فإنّ الإحياء في اللغة إعطاء الحياة وقد استعمل في إحداث النضارة والخضرة في الأرض, والشباب في اللغة كون الحيوان في زمان تكون فيه حرارته الطبيعية قويّة مشتعلة وقد استعمل في ازدياد قُوَى الزمان المُنمِية للنبات (أو مختلفان) بأن يكون المسند حقيقة والمسند إليه مجازًا (نحو ½أَنْبَتَ الْبَقْلَ شَبَابُ الزَمَانِ¼ و) أن يكون بالعكس نحو (½أَحْيَى الْأَرْضَ الرَبِيْعُ¼ وهو) أي: المجاز العقليّ (في القرآن كثير) قال الله تعالى: (﴿وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا) أسند زيادة الإيمان إلى الآيات لكونها سببًا عاديًّا للزيادة


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229