واختبارِ تنبّه السامع عند القرينة أو مقدار تنبّهه أو إيهامِ صونه عن لسانك أو عكسه أو تأتّي الإنكار لدى الحاجة أو تعيّنِه أو ادّعاءِ التعيّن أو نحو ذلك، وأمّا ذكره فلكونِه الأصلَ أو الاحتياطِ لضعف التعويل على القرينة أو التنبيهِ على غباوة السامع أو زيادةِ الإيضاح والتقريرِ أو إظهارِ تعظيمه أو إهانتِه أو التبرّكِ بذكره
فإنّ لكلّ امرئ في باب البلاغة ما نوى (و) لـ(اختبارِ تنبّه السامع عند القرينة) نحو ½مستفادٌ من نور الشمس¼ أي: نورُ القمر (أو) لاختبار (مقدار تنبّهه) كما إذا حضر شخصان أحدهما أقدمُ صحبةً فتقول: ½واللهِ حقيق بالإحسان¼ تريد أنّ أقدمهما حقيق بالإحسان فتحذفه اختبارًا لمبلغ ذكاء المخاطب هل يتنبّه لهذا المحذوف بالقرينة الخفيّة وهي أنّ أهل الإحسان ذو الصداقة القديمة أو لا يتنبّه له (أو) لـ(إيهامِ صونه) أي: صون المسند إليه (عن لسانك) وفيه تعظيم له نحو ½رُزِقْنَا¼ أي: رزقنا الله تعالى, و½مقرِّرٌ للشرائع¼ أي: محمّدٌ صلوات الله وسلامه عليه (أو) لـ(عكسه) أي: لإيهام صون لسانك عنه وفيه تحقير له نحو ½موسوِسٌ¼ أي: الشيطان, و½نجس العين¼ أي: الخنزير (أو) لـ(تأتّي الإنكار) أي: تيسّره للمتكلم (لدى الحاجة) إلى الإنكار نحو ½لئيم¼ أي: زيد, فتحذفه ليتيسّر أن تقول عند الضرورة: ما عنيت زيدًا بل غيرَه, إن قيل فهذا مِدعاة إلى الكذب المحرّم! أجيب بأنّ الكلام في أسباب الحذف التي لاحظتها العرب جائزةً كانت أو لا (أو) لـ(تعيّنِه) أي: المسند إليه نحو ½خالق كلّ شيء¼ أي: الله تعالى (أو) لـ(ادعاءِ التعيّن) نحو ½علامة¼ أي: زيد, حُذِف لادّعاء أنّه لا يتّصف بذلك غيره (أو) لـ(نحو ذلك) كضيقِ المقام عن إطالة الكلام نحو ½غزال¼ أي: هذا, والإخفاءِ عن غير المخاطب من السامعين نحو ½بلغ¼ أي: زيد, واتباعِ الاستعمال على الترك كما في الأمثال نحو ½رمية من غير رام¼ أي: هذه, ولمّا فرغ من بيان لطائف الحذف شرع في بيان نكت الذكر فقال (وأمّا ذكره) أي: المسند إليه (فـ) هو (لكونِه) أي: الذكر (الأصلَ) مع عدم مقتضِي العدول عنه كما كان فيما مرّ نحو ½الحمد لله¼ (أو) لـ(الاحتياطِ لضعف التعويل) أي: الاعتماد (على القرينة) لخَفائها أو لعدم الوثوق بنباهة السامع (أو) لـ(التنبيهِ على غباوة السامع) نحو ½قال بكر كذا¼ في جواب من سأل ½ماذا قال بكر¼ (أو) لـ(زيادةِ الإيضاح والتقريرِ) أي: لزيادة إيضاح المسند إليه وتثبيته في نفس السامع كقوله تعالى: ﴿ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ﴾ [البقرة:٥] (أو) لـ(إظهارِ تعظيمه) أي: المسند إليه إذا كان اسمه دالاًّ على التعظيم نحو ½أمير المؤمنين آمر¼ (أو) إظهارِ (إهانتِه) أي: المسند إليه إذا كان اسمه مُشعِرًا بالإهانة نحو ½النمّام حاضر¼ (أو) لـ(التبرّكِ بذكره) أي: بذكر