واصنَعوا، فقال لي مالكٌ: أما تَرى إلى هذا الشابِّ وحُسنِ وجهِه وحرصه على هذا البناء، ما أحوجني إلى أن أسأل ربّي أن يُخلِِصه، فلعلَّه يَجعَله من شباب أهل الجنَّة، يا جعفر ! اُدخُل بِنا إليه، قال جعفر: فدخلنا إليه فسلّمنا عليه، فرَدَّ السّلام ولم يعرِف مالكًا، فلمَّا عرَفه قام إليه، فقال: ألك حاجةٌ ؟ فقال: كم نَوَيتَ أن تُنفِق على هذا القصرِ ؟ قال: مئة ألف درهمٍ، فقال: ألا تُعطيني هذا المال فأَضَعه في حقِّه، وأَضمَن لك على الله عزّ وجلّ قَصرًا في الجنّة خيرًا من هذا القصر بوِلدانه وخَدَمه وقُبَبه وخِيَمه من ياقوتة حَمراءَ مُرصَّعة بالجواهر، تُرابه الزعفران، ومِلاطه المِسك أفيحُ من قصرك هذا، لا يَخرَب أبدًا، ولم تَمَسَّه يدٌ، ولم يَبْنِه بانٍ، بل قال له الجليل سبحانه: "كن" فكان، قال: فأَجِّلني اللَّيلة وبَكِّر عليَّ غدًا، فقال: نعم، قال جعفرٌ: فبات مالكٌ وهو يُفكِّر في ذلك الشابِّ، فلمَّا كان وقتُ السَّحَر دعا فأكثر من الدّعاء، فلمّا أصبحنا غَدَوْنا فإذا بالشابِّ جالِس على باب قصره،