أيها الأحبّة الأعزّاء! مرحلة الجزاء والحساب وقراءة الكتاب مرحلة عصيبة، ولذلك يقول الإمام أبو الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي رحمه الله: إنّ العبد عندما يتناول كتابه بيمينه يقال له: إقْرأ ما عملتَ مِنْ خيرٍ وشرٍّ، ولا تلومنّ إلّا نفسك.
فيفض خاتم الكتاب فينشر كتابه فإذا هو مكتوبٌ بخطّ أبيض في باطن الكتاب السيّئات، وفي ظاهرة الحسنات.
فيقال له: إقْرأ سيّئاتك.
فأوّل حرفٍ يجده في الكتاب أصغر ذنبٍ عمله في الدنيا، فإذا رأى ذلك الذنبَ مَيَّل رأسه ونكسه حياءً مِنَ الله تعالى، وسال منه مِنَ العرق ما لو أنّ مائتين مِنَ الإبل أكلَتْ حمضًا والتهبت عطشًا، ووردت على عرقه لشربَتْ كلّها ورجعَتْ وقد رويت وما نقص مِنْ عرقه شيء، هذا كلّه حياء مِنَ الله عزّ وجلّ.
فيقول الجبّار جلّ جلاله: عبدي!
فيقول: لبّيك ربّي وسعديك.
فيقول: ارْفعْ رأسَك، أتعرف ذنبك هذا؟
فيقول: مولاي وسيّدي وعزتك وجلالك! إنّي لأعرفه.
فيقول: عبدي! أتذكّر يوم كذا وكذا في موضع كذا وكذا وأنت على هذا الذنب؟
فيقول: نعم وعزّتك وجلالك.