قَالَ سَيدُنَا أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللّٰه تعالى عَنْه لِسَيدِنَا كعْبِ الْأحْبَارِ رَضِيَ اللّٰه تعالى عَنْه: ياكعْبُ! حَدِّثْنَا عَنِ الْمَوْتِ. فَقَالَ سَيدُنَا كعْبٌ رَضِيَ اللّٰه تعالى عَنْه: نَعَمْ يا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! إِنَّ الْمَوْتَ كغُصْنٍ كثِيرِ الشَّوْك أدْخِلَ في جَوْفِ رَجُلٍ، فَأخَذَتْ كلُّ شَوْكة بِعِرْقٍ، ثُمَّ جَذَبَه رَجُلٌ شَدِيدَ الْجَذْبِ، فَأخَذَ مَا أخَذَ وَأبْقَى مَا أبْقَى[1].
كانَ سَيدُنَا علي الْمُرْتَضَى كرَّمَ اللّٰه وَجْهه يحُضُّ على الْقِتَالِ وَيقُوْلُ: إِنْ لَمْ تَقْتُلُوْا تَمُوْتُوْا، وَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيدِه لَألْفُ ضَرْبَة بِالسَّيفِ أهوَنُ علي مِنْ مَوْتِيْ على فِرَاشِيْ[2].
يعْنِيْ: أنَّ الشَّهيدَ لَمَّا يرَى مِنْ نَعِيمِ الْجَنَّة، أوْ قَدْ يرَى النَّبِيَّ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فَتَشْغَلُه أنْوَارُ جَمَالِ الْمُصْطَفَى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مِنْ أنْ يحُسَّ بِشِدَّة ألَمِ ضَرَبَاتِ السُّيوْفِ وَسَكرَاتِ النََّـزْعِ، وَأمَّا مَنْ يمُوْتُ على فِرَاشِه فَتَمُرُّ بِه جَمِيعُ مَرَاحِلِ الشِّدَّة وَالْمَرَارَة وَهوَ يسْتَشْعِرُ بِها.
فَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَيدِنَا إِبْرَاهيمَ الْخَلِيلِ على نَبِينَا وَعَلَيه الصَّلاَة وَالسَّلاَمُ أنَّه قَالَ لِمَلَك الْمَوْتِ عَلَيه السَّلاَمُ: هلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُرِينِيْ صُوْرَتَك الَّتِيْ تَقْبِضُ عَلَيها رُوْحَ الْفَاجِرِ؟ قَالَ: لاَ تُطِيقُ ذَلِك، قَالَ: بَلَى! (أيْ: أسْتَطِيعُ ذَلِك) قَالَ: أعْرِضْ عَنِّيْ، فَأعْرَضَ عَنْه ثُمَّ اِلْتَفَتَ فَإِذَا هوَ بِرَجُلٍ أسْوَدَ قَائِمِ الشَّعْرِ، مُنْتِنِ الرِّيحِ، أسْوَدِ الثِّيابِ، يخْرُجُ مِنْ فِيه وَمَنَاخِيرِه لَهيبُ النَّارِ وَالدُّخَّانُ،