كانَ سَيدُنَا أبُوْ بَكرِ نِالصِّدِّيقُ- رَضِيَ اللّٰه تعالى عَنْه- يقُوْلُ في خُطْبَتِه: أينَ الْوُضَاة الْحَسَنَة وُجُوْههمْ؟ أينَ الْمُعْجَبُوْنَ بِشَبَابِهمْ؟ أينَ الْمُلُوْك الَّذِينَ بَنَوا الْمَدَائِنَ وَحَصَّنُوْها بِالْحِيطَانِ؟ أينَ الَّذِينَ كانُوْا يعْطَوْنَ الْغَلَبَة في مَوَاطِنِ الْحَرْبِ؟ قَدْ تَضَعْضَعَ بِهمُ الدَّهرُ فَأصْبَحُوْا في ظُلُمَاتِ الْقُبُوْرِ، اَلْوَحَا اَلْوَحَا اَلنَّجَا اَلنَّجَا[1].
اَلنَّومُ وَالتَّرَدِّيْ بِرِدَاء الْغَفْلَة
أيها الْإِخْوَة الْمُسْلِمُوْنَ! هذَا سَيدُنَا أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ اَلصِّدِّيقُ الْأكبَرُ -رَضِيَ اللّٰه تعالى عَنْه- يوْقِظُنَا مِنْ نَوْمِ الْغَفْلَة، وَينَبِّهنَا إلى أنْ نَسْتَشْعِرَ بِمَا يحُوْلُ عَلَينَا فِي الْقَبْرِ مِنَ الْوَحْشَة وَالظُّلْمَة...وَاللّٰه! إِنَّ في تَغْطِية أنْفُسِنَا بِرِدَاء الْغَفْلَة مَعَ عِلْمِنَا بِشِدَّة الْمَوْتِ، وَظُلْمَة الْقَبْرِ وَوَحْشَتِه، وَالْمُكثِ فِيه إلى يوْمِ الْمَحْشَرِ، وَكوْنِ أجْسَامِنَا قُوْتاً لِلْحَشَرَاتِ، وَبَلاَء الْعِظَامِ، وَأهوَالِ يوْمِ الطَّامَّة وَمَا فِيه مِنْ اِحْتِسَابِ الْأعْمَالِ لَخَطَراً شَدِيداً.
بُكاء سَيدِنَا عُثْمَانَ رَضِيَ اللّٰه تعالى عَنْه
كانَ سَيدُنَا ذُو النُّوْرَينِ -رَضِيَ اللّٰه تعالى عَنْه- إِذَا وَقَفَ على قَبْرٍ بَكى حتى يبُلَّ لِحْيتَه، فَقِيلَ لَه: تَذْكرُ الْجَنَّة وَالنَّارَ فَلاَ تَبْكيْ، وَتَبْكيْ مِنْ هذَا؟ قَالَ: إِنَّ رَسُوْلَ اللّٰه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قَالَ: ((إِنَّ الْقَبْرَ أوَّلُ مَنَازِلِ الْآخِرَة، فَإِنْ نَجَا مِنْه فَمَا بَعْدَه أيسَرُ مِنْه، وَإِنْ لَمْ ينْجُ فَمَا بَعْدَه أشَدُّ مِنْه))[2].