عنوان الكتاب: عظام الملوك

فَغُشِيَ على سَيدِنَا إِبْرَاهيمَ عَلَيه السَّلاَمُ ثُمَّ أفَاقَ وَقَدْ عَادَ مَلَك الْمَوْتِ إلى صُوْرَتِه الْأوْلَى، فَقَالَ: يا مَلَك الْمَوْتِ! لَوْ لَمْ يلْقَ الْفَاجِرُ عَنِ الْمَوْتِ إِلاَّ صُوْرَة وَجْهك لَكانَ حَسْبَه[1].

سَيطَرَة الْمَوْتِ

أيهاالْإِخْوَة الْمُسْلِمُوْنَ! لِلْأسَفِِ الشَّدِيدِ، نَعِيشُ مُطْمَئِنِّينَ مَعَ عِلْمِنَا بِسَكرَاتِ الْمَوْتِ وَكرَبَاتِه.آه! إِنَّ كلَّ نَفَسٍ نَتَنَفَّسُه يسِيرُ بِنَا نَحْوَ الْمَوْتِ قَدَماً قَدَماً.وَأيامُ حَياتِنَا وَلَيالِيها تَقْطَعُ بِنَا نَحْوَ الْمَوْتِ مِيلاً بَعْدَ مِيلٍ.مَهمَا تَمَتَّعَ أحَدٌ بِرَبِيعِ الْحَياة، فَسَوْفَ يأتِيه خَرِيفُ الْمَوْتِ، وَمَهمَا عَاشَ أحَدٌ عَيشَ تَنَعُّمٍ وَتَرَفُّه فَسَوْفَ ينْتَهي الْكلُّ يوْمَ يأتِيه أجَلُه، وَمَهمَا فَرِحَ أحَدٌ بِمُصَاحَبَة الْأحْبَابِ فَسَيذِيقُه الْمَوْتُ يوْماً غَمَّ الْفِرَاقِ.

آه! كمْ مِنْ مُغْتَرٍّ ذِيْ عِزَّة وَجَاه رَغِمَ أنْفُه تَحْتَ أيدِي الْمَوْتِ، وَكمْ مِنْ حَاكمٍ ظَالِمٍ نَقَلَه الْمَوْتُ مِنَ الْقُصُوْرِ الشَّامِخَة إلى الْقُبُوْرِ الْمُظْلِمَة، وَكمْ مِنْ عَرِيسٍ في لَيلَة عُرْسِه بَدَلاً مِنْ أنْ يدْخُلَ غُرْفَة الْعَرُوْسِ أدْخَلَه الْمَوْتُ حُفْرَة فِيها حَشَرَاتٌ وَدُوْدٌ، كمْ مِنْ شَابٍّ وَقَعَ فَرِيسَة لِلْمَوْتِ ثُمَّ دَخَلَ الْقَبْرَ قَبْلَ أنْ يرَى رَبِيعَ الشَّبَابِ مِنْ أفْرَاحِ الزِّوَاجِ.

قُصُوْرٌ خَرِبَة

أيها الْإِخْوَة الْمُسْلِمُوْنَ! لَوْخَرِبَتْ دُنْياكمْ وَضَاعَ دِينُكمْ بِسَبَبِ الْإِصْرَارِ عَلَى الْمَعَاصِيْ فَمَاذَا تَفْعَلُوْنَ؟ يقُوْلُ الله تعالى في كتَابِه الْكرِيمِ:{فَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَا وَهِيَ ظَالِمَةٞ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا وَبِئۡرٖ مُّعَطَّلَةٖ وَقَصۡرٖ مَّشِيدٍ}[2].


 



[1] مكاشفة القلوب، الباب الرابع والإربعون في بيان شدة الموت، صــ١٦٩.

[2] الحج: ٤٥.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

22