اَلْحَمْدُ لِلّٰه رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالصَّلاَة وَالسَّلاَمُ على سَيدِ الْمُرْسَلِينَ، أمَّا بَعْدُ:
فَأعُوْذُ بِاللّٰه مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ، بِسْمِ اللّٰه الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ
قَالَ الشَّفِيعُ الْمُشَفَّعُ، سَيدُ بَنِيْ آدَمَ، شَفِيعُ الْأمَمِ، الرَّسُوْلُ الْأكرَمُ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ((مَنْ صلى علي يوْمَ الْجُمُعَة كانَتْ شَفَاعَة لَه عِنْدِيْ يوْمَ الْقِيامَة))[1].
صَلُّوْا على الْحَبِيبِ صلى اللّٰه تعالى على مُحَمَّدٍ.
رُوِيَ أنَّ مَلِكاً مِنْ مُلُوْك كنْدَة كانَ كثِيرَ الْمُصَاحَبَة لِلَّهوِ وَاللَّذَّاتِ، كثِيرَ الْعُكوْفِ على اللَّعِبِ، فَرَكبَ يوْماً لِلْاِصْطِيادِ أوْ غَيرِه، فَانْقَطَعَ عَنْ أصْحَابِه، فَإِذَا هوَ بِرَجُلٍ جَالِسٍ قَدْ جَمَعَ عِظَاماً مِنْ عِظَامِ الْمَوْتَى، وَهيَ َبينَ يدَيه يقَلِّبُها، فَقَالَ: مَا قِصَّتُك أيها الرَّجُلُ؟ وَمَا بَلَغَ بِك مَا أرَى مِنْ سُوْء الْحَالِ، وَيبْسِ الْجِسْمِ، وَتَغَيرِ اللَّوْنِ وَالْاِنْفِرَادِ في هذِه الْفَلاَة؟ فَقَالَ: أمَّا مَا ذَكرْتَ مِنْ ذَلِك فَلِأنِّيْ على جَنَاحِ سَفَرٍ بَعِيدٍ، وَبِيْ مُوَكلاَنِ مُزْعِجَانِ(أيْ: لَيلٌ وَنَهارٌ)يحْدُوَانِ بِيْ إلى مَنْزِلٍ ضَنْك الْمَحَلِّ، مُظْلِمِ الْقَعْرِ، كرِيه الَْمَقَرِّ، ثُمَّ يسَلِّمَانِيْ إلى مُصَاحَبَة الْبَلَى، وَمُجَاوَرَة الْهلْكى، تَحْتَ أطْبَاقِ الثَّرَى، فَلَوْ تُرِكتُ بِذَلِك الْمَنْزِلِ مَعَ ضَيقِه وَوَحْشَتِه، وَاِرْتِعَاء خَشَاشِ الْأرْضِ مِنْ لَحْمِيْ، حتى أعُوْدَ رُفَاتاً وَتَصِيرَ أعْظُمِيْ رِمَاماً؛ لَكانَ لِلْبَلاَء اِنْقِضَاء وَلِلشَّقَاء اِنْتِهاء، وَلَكنِّيْ أدْفَعُ بَعْدَ ذَلِك إلى صَيحَة الْحَشْرِ، وَأرَدُ أهوَالَ وَمَوَاقِفَ الْجَزَاء، ثُمَّ لَا أدْرِيْ إلى أيِّ الدَّارَينِ يؤْمَرُ بِيْ، فَأيُّ حَالٍ يلْتَذُّ بِه مَنْ يكوْنُ إلى هذَا الْأمْرِ مَصِيرُه؟!!