عنوان الكتاب: سمكة المدينة

فقَامَ سَائِلٌ على الْبَابِ، فقَالَ لِلْغُلاَمِ: لُفَّهَا بِرَغِيْفِهَا وَادْفَعْهَا إلَيْه، فقالَ له الْغُلامُ: أَصْلَحَكَ اللهُ عزّ وجلّ قَدْ اِشْتَهَيْتَها مُنْذُ كذَا وكذَا فلَمْ نَجِدْها، فلَمَّا وَجَدْتُها اِشْتَرَيْتُهَا بِدِرْهَمٍ ونِصْفٍ فنَحْنُ نُعْطِيْهِ ثَمَنَها، فقالَ: لُفَّهَا وَادْفَعْهَا إلَيْه، ثُمَّ قالَ الْغُلاَمُ لِلسَّائِلِ: هَلْ لَكَ أَنْ تَأخُذَ دِرْهَمًا وتَتْرُكَها؟ قالَ: نَعَمْ، فأَعْطَاهُ دِرْهَمًا وأَخَذَها، وأَتَى بها فَوَضَعَها بَيْنَ يَدَيْهِ، وقالَ: قَدْ أَعْطَيْتُه دِرْهَمًا وأَخَذْتُها مِنْه، فقال: لُفَّها وَادْفَعْها إلَيْه ولا تَأْخُذْ مِنْهُ الدِّرْهَمَ، فإِنِّي سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم يقولُ: «أَيُّمَا اِمْرِئٍ اِشْتَهَى شَهْوَةً فَرَدَّ شَهْوَتَهُ وآثَرَ بِهَا على نَفْسِه، غَفَرَ اللهُ لَه»[1].

صلّوا على الحبيب!  صلّى الله تعالى على محمد

أخي في الله:

هَا هُوَ اِبْنُ عُمَرَ رضي الله تعالى عَنْهُمَا كَسَرَ شَوْكَةَ نَفْسِه وقَاوَمَ شَهْوَتَها، وقَدَّمَ غَيْرَه علَيْهَا بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ إلى الله تعالى، وتَحصِيلِ الثَّوَابِ، وهذا عَيْنُ الإيْثَارِ، فالإيْثَارُ أَنْ يُقَدِّمَ الإنسانُ حاجَةَ غَيْرِه مِنَ النَّاسِ على حاجَتِه.


 



[1] ذكره الغزالي (ت ٥٠٥هـ) في "إحياء العلوم"، كتاب كسر الشهوتين، بيان طريق الرياضة في كسر شهوة البطن، ٣/١١٤.

 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

37