مدونات مختارة
الأكثر شهرة
الأضحية عبادة قديمة | الشيخ محمد قاسم العطاري
إنّ الأضحية عبادة قديمة جدًّا، تعبّد الله تعالى بها الأمم، وجعل لكلّ أمة منسكًا فقال الله تعالى في القرآن الكريم:
وَلِكُلِّ أُمَّةٖ جَعَلۡنَا مَنسَكٗا لِّيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۗ
بالإضافة إلى هذه المقدمة الموجزة، إذا تصفحّتَ تاريخ الأديان مفصلاً فستجد من خلاله بيان وجود الأضحية في جميع الأديان السماوية، وحتى غير السّماوية، وقليل منهم من لا يعرف شيئًا عن الأضحية، بالإضافة إلى وجود الأضحية في كلّ أمّة ذكرها القرآن الكريم أيضًا وتجد بيانها عند ذكر أحوال الأمم المختلفة.
كما قال الله تبارك وتعالى أثناء قصة هابيل وقابيل في زمن سيّدنا آدم عليه السلام:
وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱبۡنَيۡ ءَادَمَ بِٱلۡحَقِّ إِذۡ قَرَّبَا قُرۡبَانٗا فَتُقُبِّلَ مِنۡ أَحَدِهِمَا وَلَمۡ يُتَقَبَّلۡ مِنَ ٱلۡأٓخَرِ
كذلك يوجد بيان للأضحية في كتاب الإنجيل (Bible) الموجود حاليًا، وكانت إدارة الذبائح والحفاظ عليها محل الاهتمام والعناية ومن المسؤوليّات المهمّة لأحبارهم، وكان أمر الأضحية معروفًا ومقبولاً بينهم لدرجة جعلوه شرطًا لقبول دين الإسلام، وقد نقل القرآن الكريم قولهم: في الإنجيل:
ٱلَّذِينَ قَالُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيۡنَآ أَلَّا نُؤۡمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأۡتِيَنَا بِقُرۡبَانٖ تَأۡكُلُهُ ٱلنَّارُۗ
أيها الأحبة! ديانة سيدنا إبراهيم (الحنيفية) هي أصل لدين الإسلام، فحين أُمِر سيّدُنا إبراهيم عليه السّلام أن يؤذّن في النّاس بـ"الحجّ"، جاء معه ذكر هدي الحجّ وفوائده ومنافعه، حيث أُمِر سيّدُنا إبراهيم عليه السلام:
وَأَذِّن فِي ٱلنَّاسِ بِٱلۡحَجِّ يَأۡتُوكَ رِجَالٗا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٖ يَأۡتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٖ ٢٧ لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّنۢ بَهِيمَةِ ٱلۡأَنۡعَٰمِۖ فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ[الحج: 27-28].
ودين الإسلام هو استمرار للديانة التي جاء بها سيدنا إبراهيم عليه السلام، ومعلوم أنّ فيه أوامر الأضحية، فكلّ ابن من أبناء المسلمين على معرفة تامّة بالحج والشّعائر الدينية القائمة ولا سيّما الأضحية في اليوم العاشر من ذي الحجة.
الأضحية في الإسلام على خمسة أنواع:
أولاً: ما هي من مناسك الحج ويسمّى الهدي؟، وقد ورد بيانه في سورة المائدة، الآية: [97]
ثانيًا: ما يجب على من يحجّ بحالة التمتّع أو القِران، وقد ورد بيانه في سورة البقرة، الآية[196]
ثالثاً: ما يجب على المحرم عند الإحصار عن الوصول إلى الكعبة المكرمة أو ارتكاب محظورات الإحرام وقد ورد بيانه سورة البقرة، الآية [196]
رابعًا: ذبيحة عيد الأضحى التي تعتبر ذكرى لذبيحة سيّدنا إبراهيم عليه السّلام، وقد ورد بيانها في سورة الكوثر
خامسًا: العقيقة: وهي الذبيحة التي تذبح عن المولود شكرًا لله تعالى على نعمة الولد (ذَكَرًا كان أم أنثى)، وقد ثبت ذلك بالأحاديث الشريفة.
من الحكم الأساسية في الأضحية: تقديم التّضحية بالمال إرضاءً لله سبحانه وتعالى، لذلك لها منزلة عظيمة وأهمّيّة كبيرة في دين الإسلام، حتّى أنّ الله سبحانه وتعالى جعلها من شعائره، فقال:
وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَٰٓئِرِ ٱللَّهِ
مقاصد مشروعية التضحية
حِكم ومقاصد مشروعية الأضحية كثيرة:
الأول: التعبير عن الاستجابة لله والانقياد لأوامره سبحانه وتعالى، وهو المطلب والمعنى الأساسي للإسلام.
والثاني: الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس والآخرين من الأقارب والجيران والأصدقاء، وقد ورد بيان هذا المقصد العظيم في القرآن الكريم:
فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ
والثالث: هي وسيلة للتصدّق على الفقراء والمحتاجين بالطعام المميز كاللحوم، والذي لا يستطيعون شرائه عادةً.
والرابع: الإظهار والتعبير عن شرف وكرامة سيّدنا إبراهيم عليه السّلام من خلال الأضحية بعيد الأضحى وترغيب الناس في طاعة الله تعالى وعبوديته.
الخامس: الأضحية ترسخ في الأذهان والقلوب أن جميع العبادات لله تعالى وحده.
جعل مشركو العرب الأصنامَ شركاء لله تعالى في العبادة الجسدية والمالية، وقاموا بتخصيص نصيب للأصنام في السّجود والدّعاء والزّراعة، مع ذبح الأضحية للأصنام، وبما أن الإسلام هو دين التوحيد، لذا وجّه لأن تكون جميع العبادات لله تعالى وحده، فقال تعالى:
وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ
لذا فإن الصلاة والسجود والزكاة والصوم والحجّ وجميع العبادات لله تعالى وحده.
الاعتراض الوارد على الأضحية والردّ عليه:
بعض الناس يقول: إن الأضحية قتل للبهائم وهدر للمال، فبدل من أن يُذبَح هذا الحيوان ينبغي إنفاق قيمته في مصلحة عامة أو منحها للفقراء والمحتاجين.
فنجيب عن هذا الاعتراض بعدّة إجابات:
الأولى: إنّ الله تعالى أعلم منّا بالنفع والخسارة، وهو الذي أمرنا بالأضحية، فما أمَرَ به عالمُ الغيب والشهادة يكون على العين والرأس.
والثانية: يستحبّ التّصدق بلحم الأضحية على الفقراء والمحتاجين، وبه يتمّ تلبية احتياجاتهم الأساسية من الطعام، والامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى أيضًا.
والثالثة: يجب أن تكون الأضحية الواجبة وفق أحكام الشرع وتوجيهه، أمّا الأضحية النافلة فيمكن دفع قيمتها إلى الفقراء المحتاجين نقدًا، ولكن عدا الأضحية الواجبة، وإلا فمن الذي منع التصدّق والتبرع بدولار واحد على الفقراء؟!
والرابعة: بدلاً من أن تحرص وتنظر بنظرة ازدراء إلى مال الأضحية الواجبة، تصدّق بالمال الذي تصرفه على صناعة وتسجيل الأفلام والمسلسلات ومشاهدتها، فهناك تريليونات من الدولارات تُنفق على الترف والرفاهية لماذا لا تتصدق بها على الفقراء والمحتاجين!.
والحقيقة أنّ هناك آلاف من الأنواع والأشكال الأخرى لمساعدة الفقراء، ولكن الناس الذين يتبرّمون ويتضايقون من الإسلام فإنهم لا يرونها إلا في الأضحية؛ وحينها يبدأ عندهم الحزن على الفقراء ويؤذيهم ما يرون!.
#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
تعليقات