الحج المبرور | أبو عبيد العطاري المدني


نشرت: يوم الأَربعاء،28-يونيو-2023

الحج المبرور

عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله ﷺ قال:

الحجّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنّةُ

أي الحكم له بدخول الجنة فلا يقتصر لصاحبه من الجزاء على إزالة الفقر في الدنيا وتكفير ذنوبه بل لا بدّ أن يدخله أي مع السابقين أو بغير سبق عذاب وإلا فكل مؤمن يدخلها وإن لم يحج

ما هو الحج المبرور؟

قال العلامة عبد الرؤوف المناوي رحمه الله: قوله ﷺ: (الحج المبرور) أي: المقابل بالبرّ ومعناه "المقبول"

قال الشيخ المحدّث عبد الحقّ الدهلوي رحمه الله: البرّ يجيء بمعنى الخير والاتّساع في الإحسان والطاعة

قال الطيبي رحمه الله: يُقال: برّه أي: أحسن إليه ثم قيل: برّ الله عمله إذا قبله، كأنه أحسن إلى عمله بقبوله

وقد ذكر العلماء في تفسير "الحجّ المبرور" أقوالاً مختلفة لكنها متقاربة المعنى وهي على النحو التالي:

(1) الذي لا يخالطه إثم.

(2) الذي لا رياء فيه ولا سمعة ولا رفث ولا فسوق.

(3) الذي لا معصية بعده ويكفّ الحاجّ عن المخالفة باقي عمره ولا يَفعل ما يُفسد الحجّ.

(4) الذي يلين قلب الحاج مما يورث الحرق في قلبه والدموع في عينيه.

(5) الذي وفيت أحكامه ووقع موقعا لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل.

(6) وقال الحسن البصري: هو أن يرجع زاهدًا في الدنيا راغبا في العقبى

كيف يكون الحجّ مبرورًا؟

أيها الأحبة! ينبغي على كل حاجٍّ الحرصُ على أن يكون حجّه مبرورًا، وسأحاول ذكر أبرز الأمور التي تعين الحاجّ، ليكون حجّه مبرورًا بإذن الله تعالى، ومن ذلك:

• الحجّ بمال حلال.

• مجانبة المعاصي والحذر منها.

• الإحسان إلى الناس.

• إطعام الطعام.

• طيب الكلام وإفشاء السلام.

• التزوّد بأكثر مما يحتاجه من أجل مساعدة الرفقاء والتصدّق على الفقراء.

من علامات الحجّ المبرور:

قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: أن يكون طيب النفس بما أنفقه من نفقة وهدي، وبما أصابه من خسران ومصيبة في مال أو بدن إن أصابه ذلك، فإن ذلك من دلائل قبول حجّه، فإن المصيبة في طريق الحجّ تعدل النفقة في سبيل الله عز وجل، الدرهم بسبعمائة درهم، بمثابة الشدائد في طريق الجهاد فله بكل أذى احتمله وخسران أصابه ثواب، فلا يضيع منه شيء عند الله عز وجل.

وأضاف: ويقال إن من علامة قبول الحجّ أيضًا ترك ما كان عليه من المعاصي، وأن يتبدل بإخوانه البطالين إخوانًا صالحين، وبمجالس اللهو والغفلة مجالس الذكر واليقظة

وقال في مقام آخر: علامته (أي: الحجّ المبرور) أن يعود زاهدًا في الدنيا راغبًا في الآخرة متأهّبًا للقاء رب البيت بعد لقاء البيت

ماذا بعد الحجّ؟

أيها الأحبّة! بعد الحجّ لا بدّ من ترك المعاصي والذنوب، حيث قال الإمام أحمد رضا خان الحنفي الماتريدي رحمه الله تعالى: إذا قصّر بعد الحجّ في هذه الأمور -أي: مثل قضاء الفوائت من الصلاة والصيام ودفع حقوق العباد التي كان أضاعها، وتأدية ما تبقى من الزكاة ونحو ذلك- مع القدرة على القيام بها فكل هذه الآثام تعود عليه مرّة أخرى؛ لأن الحقوق كانت باقية قائمة ثم التأخير والتقصير في تأديتها يكون ذنبًا جديدًا، ولا يكفي الحجّ لإزالة ذلك، صحيح أن الحجّ يغسل المعاصي والذنوب السابقة للحجّ لكنه لا يُعفي الذنوب عن المستقبل، ولأن علامات الحجّ المبرور بأن يرجع خيرًا مما كان عليه سابقًا

قال الفضيل بن عياض رحمه الله لبعض من حجّ: يا هذا! إن الله يختم على عمل الحاجّ بطابع من نور، فإياك أن تفكّ ذلك الختم بمعصية الله عزوجل

أيها الإخوة الحجاج الكرام! دعونا لننوي جميعًا بقلوبنا ونعقد العزم على أن نجتهد بجدٍّ في سبيل البعد عن الذنوب والوقاية منها، وهذا ليس فقط خلال هذه الرحلة المقدّسة ولكن يكون أيضًا بعدها.

أيها الأحبة! لا تنسوا أنّ الحرص على عدم الوقوع في المعاصي مع الصحبة السيئة مثل الحرص على عدم ابتلال الملابس مع وجود القفز في الماء.

أيّها الإخوةُ الأكارم! الارتباط ببيئة متديّنة وصالحة طريق هامّ ومعيّن للحذر من الذنوب وسبب في المحافظة على الأعمال الصالحة، وها هو مركز الدعوة الإسلامية يعتبر مدرسة صالحة يتعلّم فيها أبناؤه وأحبابه من خلال الاجتماعات واللقاءات والقوافل الدعوية كلَّ ما يهمّهم في سلوكهم الشرعي الذي يحبّه الله ورسوله، لذلك يُشجّع بالانضمام لهذه الإخوة ليحصل الخير والنفع بصحبتهم، ويفوز بالبعد عن المعاصي والرغبة في فعل الطاعات، ويرغب بزيارة بيت الله في مكة المكرمة والمدينة المنورة زادهما الله شرفًا وتعظيمًا، فنسأل الله تعالى أن يوفّقنا لحجّ مبرور وعمل مبرور على الدوام مع القبول آمين بجاه خاتم النبيين ﷺ.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية