تفقدوا أحوال الفقراء وأحسنوا إليهم | الشيخ محمد عمران العطاري


نشرت: يوم الخميس،25-يوليو-2024

تفقدوا أحوال الفقراء وأحسنوا إليهم

حسب علمي فإن أمور الحياة والغذاء متاحة لاثني عشر مليار إنسان في العالم، مع أنه يقال أنّ عدد سكان العالم مع بداية العام الجديد 2024 حاجز الـ8 مليارات نسمة، ومع ذلك فإن أكثر من مليارَيْ إنسانٍ لا يحصلون على ما يكفيهم من الغذاء وكثير منهم يلاقون حتفهم بسبب الجوع، وعدد كبير منهم من الأطفال.

وثمة عدة أسباب لذلك، فوفقًا لأحد التقارير يتم إتلاف طعام ما يتراوح بين ثلاثة إلى أربع مليارات من الناس ويُرمى في سلة المهملات.

قصة مؤلمة

هناك شخص يروي قصته بطريقة طريفة للغاية قال: "كنا نقوم بإعداد الشواء (نشوي قطع اللحم على جمر النار)، ولم نكن نعرف كيفية الشواء، فاحترق اللحم وتحول إلى فحم ولم يتمكن أحد من الأكل.

أيها الأحبة! مثل هذه "المشويات" خاصة بعد عيد الأضحى تقام على أسطح المنازل ومراكز الترفيه وفي أماكن كثيرة جدًا، وبعضها يطبخ ويستعمل وبعضها يحترق أو يرمى في القمامة.

وعامة الأكل يؤكل بعضه ويُرمى كثير منه ويُتلف ولو سُدّ به جوع مسكين قبل أن يحترق أو يرمى، لاستحق المتبرعون دعواته المجابة.

كيف يمكن أن نصنع مجتمعًا مثاليًّا؟

تخيلوا إن يأكل أفراد منزل واحد في الحي أو المبنى ويشربون حتى يشبعوا من أنواع الأطمعة أو يتقلبون في النعم المختلفة بينما في نفس الحي أو المبنى يكون أفراد منزل آخر جائعين، وربما نعرف وضعهم، مع ذلك لا نساعدهم حسب المقدور!

وقد تكون ثلاجاتنا مليئة باللحوم والمواد الغذائية الأخرى، لكن أقاربنا وجيراننا الفقراء لا يتوفر لهم وجبة كافية من الطعام في اليوم، في هذه الحالة كيف يصح أن يكون مجتمعنا مجتمعًا مثاليًّا؟!

نمط حياة الفقراء:

لدينا عدد كبير من الأشخاص الذين يعيشون في فقر وعوز، وذلك لأسباب عديدة، أحدها: انخفاض الدخل، لذلك تضيق عليهم المعيشة، فشراء الحليب والخضروات وأطعمة ومواد غذائية لشهر كامل يضاف إلى ذلك ألبسة ودواء براتب ثمانية أو عشرة أو خمسة عشر أو عشرين ألف روبية ودفع فواتير الكهرباء والغاز، ثم إذا كنت تعيش في منزل مستأجر، فدفع إيجاره! وكيف سيتم تغطية تكلفة المواصلات (أي التنقل)؟

هناك تقارير ومعلومات تفيد بأنّ هؤلاء الأشخاص عادة ما يصيرون مفلسين من وسط الشهر أو في أقل من عشرين يوم، وبعد ذلك يلجأون إلى الديون لإدارة المنزل وشراء الخضروات والحليب والأطعمة قائلين "سأسدّد الدين إذا حصلت على الراتب في أول يوم من الشهر، وهم يستمرون في أخذ بعض الأشياء، لذلك يواجهون صعوبات كبيرة في الأيام الأخيرة من الشهر، وبعض الأيام حين يمرض أحد أفراد الأسرة، ولا يكون لديه مال لشراء الأدوية، وإن كان لديه مال فإنه يفكر لو اشتراها كيف سيدير النفقات الأخرى للأسرة.

ومن أسباب تزايد ضيق الفقراء:

في بعض الأحيان يؤجل صاحب الثروة أو المالك أمر الراتب إلى ستة أو سبعة أيام أو أكثر من الشهر، وخلال هذه الأيام إذا تجرأ الموظّف وطالب بالراتب يرد عليه صاحب العمل ما أعجلك؟ وأكثر الموظفين يُستهدفون قبل أن ينتهي الشهر، وإذا نظرنا إلى المستوى العالمي فيظهر لنا أن عدد الأغنياء بشكل عام أقل، وعدد الطبقة الوسطى أكثر منهم، وعدد الفقراء أكثر من كليهما.

بعض الاقتراحات المتعلقة بمساعدة الفقراء:

☆ يرجى من أهل التبرع وأهل الخير أن يساعدوا في سبيل الله أصحاب الرواتب المحدودة والضعفاء اقتصاديًا، وعلى سبيل المثال إذا كان راتبكم ما يقارب مئة ألف، ونفقة الأسرة سبعون ألف، ويبقى ثلاثون ألفًا فتحفظونها وتسمّونها ادّخارًا لتنتفعوا بها وقت الحاجة، فهل يجب أن يكون الادخار فقط لأجل الدنيا ولا يكون لأجل الآخرة؟ هل حاجته تنتهي في الدنيا فقط، ولن تحتاج إليه في القبر والآخرة؟

☆ أسأل الله أن يوفقنا وإياكم لإنفاق خمسة آلاف من ثلاثين ألف ليكون صدقة لعائلة فقيرة أو لعائلتين 2500، 2500 شهريًا.

☆أو يطلب من صاحب المحل أن يُرسل عنه الأطعمة إلى بيت كذا وكذا كلّ شهر، أو يوصلها بنفسه إلى بيت أحد الفقراء.

☆ إذا أمكنكم القيام بطهي الطعام وإطعامه للفقراء بأنفسكم، بدلاً من إعطاء البقايا، فالأفضل أن يجهّز الطعام بشكل منفصل ويعطى لهم، وإلا فيمكن أن يخرجه مما يطبخ في المنزل للفقراء.

☆ والطعام المستعمل إن أعطيتموه للفقراء أفضل من أن تتلفوه، فهذا الطعام قد يسد جوع كثير من الجائعين وتُرفع أيديهم بالدعاء لكم، وإن استمرت هذه الصدقة فستكون بيوتكم منعّمة بفضل الله إن شاء الله.

☆ أبناء الأسر الميسورة الذين يحصلون على مبلغ جيد من المال ولمصروف الجيب الشهري، وخاصة الذين وصلوا سن البلوغ ينبغي أن يوفروا بعض المال ليساعدوا الفقراء والمحتاجين بدلًا من صرف جميع الأموال على أنفسهم وهذا بدون أن تثيروا ضجة أو تخبروا أحداً بأني أساعد فلاناً وفلاناً..، واعلموا إذا أعطيتم بضع روبيات لشخص فقير، بأنكم في هذا لم تشتروا احترامه وعزّته حتى تقولوا هنا وهناك أنا أعطيه فلوسًا.

أين تجد الفقراء؟

ليس من الصعب العثورُ عليهم، فهم موجودون حولك وفي أقاربك وفي عائلتك، ولكن إذا كان لديكم اهتمام بمساعدة الفقراء، فستجد الأشخاص المستحقين لتقدم لهم لحم الأضحية، وبالإضافة إلى ذلك تستطيع مساعدتهم بالعديد من الأمور الأخرى.

فضل الإنفاق والتضحية في سبيل الله

وإليكم حديثان:

(1) يقول الله تعالى:

يا بنَ آدمَ! أوْدِعْ من كنزِك عندي لا حرْقَ، ولا غرَقَ، ولا سرقَ أُوفِّيكه أحوجَ ما تكونُ إليه. رواه الطبراني والبيهقي (الترغيب والترهيب، 2/10 (30)).

(2) تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها:

جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت كل واحدة منهما تمرة، ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها، فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها، فذكرت الذي صنعتْ لرسول الله ﷺ فقال ((إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو أعتقها بها من النار)) (صحيح مسلم: (2630)).

نداء!

أُناشد جميع المحبين لرسول الله ﷺ أن ينووا مساعدة الفقراء ليس بمناسبة عيد الأضحى فحسب بل في عامة الأوقات، لأنّ المال لا يَنقص بالصدقة بل ينمو بها ويزيد، وأن لا يخشوا الفقر، وتخلّصوا من البخل، واجعلوا في قلوبكم روح الكرم والشفقة والرحمة والإيثار، والله وتعالى سيبارك في أموالكم، وسترون هذه البركات بأعينكم إن شاء الله.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة
#مجلة_فصلية

تعليقات



رمز الحماية