يتكلمون به في كلامهم وفي شعرهم يعزُّون به أنفسهم على ما فاتهم، ثم لم يزده الإِسلام بعد إلا شدّة، ولقد ذكره رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غير حديث ولا حديثين، وقد سمعه منه المسلمون فتكلموا به في حياته وبعد وفاته، يقيناً وتسليماً لربهم وتضعيفاً لأنفسهم أن يكون شىء لم يُحِطْ به علمه، ولم يحصه كتابه، ولم يمض فيه قدره، وإنه مع ذلك لفي محكم كتابه: منه اقتبسوه، ومنه تعلّموه، ولئن قلتم: لم أنزل اللّه آية كذا؟ ولم قال كذا؟ لقد قرءوا منه ما قرأتم، وعلموا من تأويله ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك: كله بكتاب وقدر، وكتبت الشقاوة وما يقدر يكن، وما شاء اللّه كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا نملك لأنفسنا ضرّاً ولا نفعاً، ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا.
4613ـ حدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا عبد اللّه بن يزيد قال: ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب قال: أخبرني أبو صخر عن نافع قال:
كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه، فكتب إليه عبد اللّه بن عمر: إنه بلغني أنك تكلمت في شىء من القدر، فإِياك أن تكتب إليّ، فإِني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: "إنه سيكون في أمتي أقوامٌ يكذبون بالقدر".
4614ـ حدثنا عبد اللّه بن الجراح قال: ثنا حماد بن زيد، عن خالد الحذاء قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد، أخبرني عن آدم، أللسماء خلق أم للأرض؟ قال: لا، بل للأرض، قلت: أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة؟ قال: لم يكن له منه بدٌّ، قلت: أخبرني عن قوله تعالى: {ما أنتم عليه بفاتنين إلاَّ من هو صال الجحيم} قال: إن الشياطين لا يفتنون بضلالتهم إلا من أوجب اللّه عليه الجحيم.
4615ـ حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، ثنا خالد الحذَّاء،
عن الحسن في قوله تعالى: {ولذلك خلقهم} قال: خلق هؤلاء لهذه، وهؤلاء لهذه.
4616ـ حدثنا أبو كامل، ثنا إسماعيل، ثنا خالد الحذَّاء قال:
قلت للحسن: {ما أنتم بفاتنين إلا من هو صال الجحيم} قال: إلا من أوجب اللّه تعالى عليه أن يصلى الجحيم.
4617ـ حدثنا هلال بن بشر قال: ثنا حماد قال: أخبرني حميد، قال:
كان الحسن يقول: لأن يسقط من السماء إلى الأرض أحبُّ إليه من أن يقول: الأمر