ونحو: ﴿ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴾ فإنّ معناه أنه في الهداية بالِغٌ درجةً لا يُدرَك كنهُها حتّى كأنه هداية محضة وهذا معنى ﴿ ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ ﴾ لأنّ معناه كما مرّ الكتابُ الكامل والمراد بكماله كمالُه في الهداية لأنّ الكتب السماوية بحسبها تتفاوت في درجات الكمال, فوِزانُه وِزانُ ½زيد¼ الثاني في ½جاءني زيد زيد¼, أو بدلاً منها لأنها غير وافية بتمام المراد أو كغير الوافية بخلاف الثانية والمقامُ يقتضي اعتناءً بشأنه لنكتة ككونه مطلوبًا في نفسه أو فظيعًا أو عجيبًا أو لطيفًا نحو: ﴿ أَمَدَّكُم بِمَا تَعۡلَمُونَ 132 أَمَدَّكُم بِأَنۡعَٰمٖ وَبَنِينَ 133 وَجَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ ﴾ [الشعراء: ١٣٢-١٣٤], فإنّ المراد..................................................
(و) لكون الثانية مؤكِّدة للأولى لفظًا بأن يكون مضمون الثانية هو مضمون الأولى (نحو) قوله تعالى: (﴿هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ﴾) فإنّ هذه الجملة مؤكِّدة للأولى وهي ﴿ لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ لفظًا لأن مضمونهما واحد (فإنّ معناه) أي: معنى ﴿ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴾ (أنه) أي: الكتاب (في الهداية) متعلِّق بقوله (بالِغٌ درجةً لا يُدرَك كنهُها) أي: لا يُعلَم غايةُ تلك الدرجة, هذا مستفاد من تنكير ½هدًى¼ فإنه للإبهام والتفخيم (حتّى كأنه) أي: الكتاب (هداية محضة) هذا مستفاد من قوله ½هدًى¼ بالمصدر دون ½هادٍ¼ (وهذا) المعنى هو (معنى) قوله (﴿ذَٰلِكَ ٱلۡكِتَٰبُ ﴾ لأنّ معناه كما مرّ) آنفًا (الكتابُ الكامل والمراد بكماله كمالُه في الهداية لأنّ الكتب السماوية بحسبها) أي: باعتبار الهداية, متعلِّق بقوله (تتفاوت في درجات الكمال) فوجب حمل الكمال على الكمال في الهداية (فوِزانُه) أي: فمرتبةُ ﴿ هُدٗى لِّلۡمُتَّقِينَ ﴾ مع ﴿لَا رَيۡبَۛ فِيهِۛ﴾ (وِزانُ) أي: كمرتبة (½زيد¼ الثاني) مع ½زيد¼ الأوّل (في) قولك (½جاءني زيد زيد¼) في كونه نافيًا لتوهّم الغلَط (أو بدلاً) عطف على ½مؤكِّدة¼ أي: أو كمال الاتصال بين الجملتين لكون الثانية بدلاً (منها) أي: من الأولى, وإنما تُبدَل الثانية من الأولى (لأنها) أي: لأنّ الأولى (غير وافية بتمام المراد أو) لأنها (كغير الوافية) لكونها مُجمَلةً أو خفيّةَ الدلالة على المراد (بخلاف الثانية) فإنها وافية كمال الوفاء (والمقامُ) أي: والحال أنّ المقام (يقتضي اعتناءً بشأنه) أي: بشأن المراد, وإنما يقتضي المقام اعتناء بشأنه (لنكتة) وتلك النكتة (ككونه) أي: ككون المراد (مطلوبًا في نفسه أو) كونه (فظيعًا أو) كونه (عجيبًا أو) كونه (لطيفًا) فتُبدَل الثانية من الأولى بدلَ البعض أو بدلَ الاشتمال أمّا بدل الكلّ فلا يجري عند المصـ في الجمل التي لا محلّ لها, فبدل البعض (نحو) قوله تعالى حكاية عن قول هود على نبيّنا وعليه الصلاة والسلام لقومه: ﴿ أَمَدَّكُم بِمَا تَعۡلَمُونَ 132 أَمَدَّكُم بِأَنۡعَٰمٖ وَبَنِينَ 133 وَجَنَّٰتٖ وَعُيُونٍ ﴾ فإنّ المراد) بـ½أمدكم بما تعلمون¼