عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

تَرَيَا وُجُوْهَ الْأَرْضِ كَيْفَ تَصَوَّرُ * تَرَيَا نَهَارًا مُشْمِسًا قَدْ شَابَهُ * زَهْرُ الرُبَا فَكَأَنَّمَا هُوَ مُقْمِرُ, وأيضًا إنْ تعدّد طرفاه فإمّا ملفوف كقوله: كَأَنَّ قُلُوْبَ الطَيْرِ رَطْبًا وَيَابِسًا * لَدَى وَكْرِهَا الْعُنَّابُ وَالْحَشَفُ الْبَالِيْ, أو مفروق كقوله: اَلنَشْرُ مِسْكٌ وَالْوُجُوْهُ دَنَا * نِيْرُ وَأَطْرَافُ الْأَكُفِّ عَنَمْ, وإنْ تعدّد طرفه الأوّل فتشبيه التسوية كقوله: صُدْغُ الْحَبِيْبِ وَحَالِيْ * كِلاَهُمَا كَاللَيَالِيْ, وإنْ تعدّد طرفه الثاني فتشبيه الجمع كقوله: کَأَنَّمَا يَبْسِمُ عَنْ لُؤْلُؤٍ * مُنَضَّدٍ أَوْ بَرَدٍ أَوْ أَقَاحْ, وباعتبار وجهه    

(تَرَيَا وُجُوْهَ الْأَرْضِ) أي: الأماكن البادية منها (كَيْفَ تَصَوَّرُ *) أي: كيف تبدو صورتها (تَرَيَا نَهَارًا مُشْمِسًا) أي: ذا شمس (قَدْ شَابَهُ *) أي: خالَطَه (زَهْرُ الرُبَا) جمع ربوة وهي المكان المرتفع (فَكَأَنَّمَا هُوَ) أي: ذلك النهار ليلٌ (مُقْمِرُ) أي: ذو قمر, فالمشبّه أعني النهار المشمس المشوب فيه زهرُ الرُبا مركّب والمشبّه أعني ليلاً مقمرًا مفرد مقيّد (و) نعود (أيضًا) إلى تقسيم آخر للتشبيه باعتبار وجود التعدّد في الطرفين أو في أحدهما فنقول (إنْ تعدّد طرفاه) كلاهما (فإمّا) تشبيه (ملفوف) وهو أن يؤتى بالمشبّهات بالعطف أو بغيره ثمّ يؤتى بالمشبّه بها كذلك (كقوله) أي: قول امرئ القيس يصف العقاب بكثرة اصطياد الطيور (كَأَنَّ قُلُوْبَ الطَيْرِ) حال كونها (رَطْبًا وَيَابِسًا * لَدَى وَكْرِهَا) أي: عند عشّ العقاب (الْعُنَّابُ) وهو حَبّ أحمر مائل للكدرة, وهذا مشبّه به أوّل مقابل للقلب الرطب (وَالْحَشَفُ الْبَالِيْ) وهو أردأ التمر والبالي وصف كاشف, وهذا مشبّه به ثان مقابل للقلب اليابس (أو) تشبيه (مفروق) وهو أن يؤتى بمشبّه مع مشبّه به ثمّ بمشبّه آخر مع مشبّه به آخر (كقوله) أي: قول المرقّش الأكبر في وصف النساء (اَلنَشْرُ مِسْكٌ) أي: الرائحة منهنّ كرائحة المسك في الاستطابة (وَالْوُجُوْهُ دَنَا * نِيْرُ) كالدنانير في الاستدارة والاستنارة (وَأَطْرَافُ) أي: أصابع (الْأَكُفِّ عَنَمْ) أي: كالعنم وهو شجر أحمر ليّن الأغصان (وإنْ تعدّد طرفه الأوّل) أي: المشبّه فقط (فـ) هو (تشبيه التسوية كقوله) أي: قول الشاعر (صُدْغُ الْحَبِيْبِ) الصُدغ ما بين الأذن والعين والمراد هنا الشَعر المتدلّي من الرأس على هذا الموضع (وَحَالِيْ * كِلاَهُمَا) أي: كلّ منهما (كَاللَيَالِيْ) في السواد (وإنْ تعدّد طرفه الثاني) أي: المشبّه به فقط (فـ) هو (تشبيه الجمع كقوله) أي: قول البحتري يمدح أبا نوح عيسى بن إبراهيم (کَأَنَّمَا يَبْسِمُ) أي: الناعم البدن (عَنْ لُؤْلُؤٍ *) وهو الجوهر الصافي (مُنَضَّدٍ) أي: منظّم (أَوْ بَرَدٍ) وهو حَبّ الغمام (أَوْ أَقَاح) جمع أُقحوان وهو نَور ينفتح كالورد وأوراقه في شكلها أشبه شيء بالأسنان, فشبّه ثغره بثلاثة أشياء (و) التشبيه (باعتبار وجهه) ينقسم


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229