عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

لنكتةٍ كقوله: قِفْ بِالدِيَارِ الَتِيْ لَمْ يُعْفِهَا الْقِدَمُ * بَلَى وَغَيَّرَهَا الْأَرْوَاحُ وَالدِيَمُ, ومنه التورية وتسمّى الإيهامَ أيضاً وهي أن يُطلَق لفظ له معنيان قريب وبعيد ويراد به البعيد, وهي ضربان مجرّدة وهي التي لا تجامع شيئًا ممّا يلائم القريب نحو: ﴿ ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ [طه:٥], ومرشَّحة نحو: ﴿ وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ﴾ [الذاريات:٤٧], ومنه الاستخدام وهو أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما ثم بضميره الآخر أو يراد بأحد ضميريه أحدهما ثم بـالآخر الآخر, فالأوّل كقوله: إِذَا نَزَلَ السَمَاءُ بِأَرْضِ قَوْمٍ * رَعَيْنَاهُ وَإِنْ كَانُوْا غِضَابًا,...........

بإبطال الكلام السابق (لنكتةٍ) كالتحيّر والتحسّر والتحزّن, وهذا متعلِّق بالعود (كقوله) أي: قول زهير بن أبي سُلْمَى (قِفْ بِالدِيَارِ الَتِيْ لَمْ يُعْفِهَا الْقِدَمُ *) أي: لم يغيّر آثارَها قدمُ عهد أربابها لقرب وقت انتقالهم منها, وهذا مرغوبه لأنّ قرب الأثر ممّا تستنشق منه رائحة الحبيب, ثمّ عاد إليه لإظهار التحزّن فنقضه بقوله (بَلَى وَغَيَّرَهَا الْأَرْوَاحُ وَالدِيَمُ) جمع ديمة وهي السحابة ذات المطر الكثير (ومنه) أي: من المعنويّ (التورية وتسمّى) التوريةُ (الإيهامَ أيضاً) لأنّ فيه خَفاءَ المراد وإيهامَ خلافه (وهي) أي: التورية (أن يُطلَق لفظ له معنيان) سواء كانا حقيقيّين أو مجازيّين أو أحدهما حقيقيًّا والآخر مجازيًّا, أحدهما (قريب) إلى الفهم لكثرة استعماله فيه (و) الثاني (بعيد) عن الفهم لقلّة استعماله فيه (ويراد به) أي: بذلك اللفظ المعنى (البعيد) اعتمادًا على قرينة خفيّة (وهي) أي: التورية (ضربان) الأولى (مجرّدة وهي) أي: التورية المجرّدة التوريةُ (التي لا تجامع شيئًا ممّا يلائم) أي: يناسب المعنى (القريب نحو) قوله تعالى: (﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ) فللاستواء معنيان قريب وهو الاستقرار وبعيد وهو الاستيلاء على الشيء أي: ملكه بالغلبة وهو المراد هنا ولم تجامع شيئًا ممّا يناسب المعنى القريب (و) الثانية (مرشَّحة) وهي التورية التي تجامع شيئًا ممّا يلائم المعنى القريب (نحو) قوله تعالى: (﴿وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ) فللأيدي معنيان قريب وهو الجارحة المعلومة وبعيد وهو القدرة وهو المراد هنا والبناء يناسب المعنى القريب (ومنه) أي: من المعنويّ (الاستخدام وهو) على وجهين فإمّا (أن يراد بلفظ له معنيان أحدهما) أي: أحد المعنيين باللفظ (ثم) يراد (بضميره) أي: بالضمير الراجع إلى ذلك اللفظ المعنى (الآخر أو يراد بأحد ضميريه) أي: بأحد الضميرين الراجعين إلى ذلك اللفظ (أحدهما) أي: أحد المعنيين (ثم) يراد (بـ) الضمير (الآخر) المعنى (الآخر فـ) الوجه (الأوّل كقوله) أي: قول معاوية بن مالك يصف تصرّفهم في بلاد الناس (إِذَا نَزَلَ السَمَاءُ) أي: المطر (بِأَرْضِ قَوْمٍ * رَعَيْنَاهُ) أي: رعينا النبات (وَإِنْ كَانُوْا غِضَابًا) جمع غضبان, فأراد بالسماء المطر وبضميره النبات


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229