والثاني كقوله: فَسَقَى الْغَضَا وَالسَاكِنِيْهِ وَإِنْ هُمُ * شَبُّوْهُ بَيْنَ جَوَانِحِيْ وَضُلُوْعِيْ, ومنه اللفّ والنشْر وهو ذكرُ متعدِّد على التفصيل أو الإجمال ثمّ ما لكلّ واحد من غير تعيـين ثقةً بأنّ السامع يردّه إليه, فالأوّل ضربان لأنّ النشرَ إمّا على ترتيب اللفّ نحو: ﴿ وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ ﴾ [القصص:٧٢], وإمّا على غير ترتيبه كقوله: كَيْفَ أَسْلُوْ وَأَنْتِ حِقْفٌ وَغُصْنٌ * وَغَزَالٌ لَحْظًا وَقَدًّا وَرَدْفًا, والثاني نحو: ﴿ وَقَالُواْ لَن يَدۡخُلَ ٱلۡجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ﴾ [البقرة:١١١],...............................
(و) الوجه (الثاني كقوله) أي: قول البحتري (فَسَقَى الْغَضَا) نوعٌ من شجر البادية دَعَا أن يسقاه الله (وَالسَاكِنِيْهِ) أي: وسقى ساكِني مكانه (وَإِنْ هُمُ *) أي: أطلب لهم السقي قضاءً لحقّ الصحبة وإنْ هم (شَبُّوْهُ) أي: أوقدوا النار (بَيْنَ جَوَانِحِيْ) جمع جانحة وهي العظم ممّا يلي الصدر وهو كناية عن القلب (وَضُلُوْعِيْ) من عطف التفسير, وشبُّ النار في القلب عبارة عن إيذاء شدّة الحُبّ, فأراد بأحد ضميري الغضا مكانَ الغضا وبثانيهما النارَ (ومنه) أي: من المعنويّ (اللفّ والنشْر وهو) أي: اللفّ والنشر, وأفرد الضمير نظرًا لكونهما نوعًا واحدًا (ذكرُ متعدِّد على) وجه (التفصيل أو) على وجه (الإجمال ثمّ) ذكرُ (ما لكلّ واحد) من ذلك المتعدِّد (من غير تعيـين ثقةً) أي: وترك التعيين لأجل الوثوق (بأنّ السامع يردّه) أي: يردّ ما لكلّ من ذلك المتعدِّد (إليه) أي: إلى ما هو له (فالأوّل) أي: ذكر متعدِّد على التفصيل (ضربان) باعتبار الترتيب وعدمه (لأنّ النشرَ) أي: ذكرَ ما لكلّ واحد ممّا في اللفّ (إمّا على ترتيب اللفّ) بأن يكون الأوّل في النشر للأوّل في اللفّ والثاني للثاني وهكذا (نحو) قوله تعالى: (﴿وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ
وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ ﴾) فذُكِر الليل والنهار على التفصيل ثمّ ذُكِر ما لهما على الترتيب وهو السكون والابتغاء (وإمّا على غير ترتيبه) أي: غير ترتيب اللفّ (كقوله) أي: قول ابن الحَيُّوش (كَيْفَ أَسْلُوْ) أي: أصبر عنك, والاستفهام للإنكار (وَأَنْتِ حِقْفٌ) وهو الرمل العظيم المستدير, شبّه به ردف المرأة في العظم والاستدارة (وَغُصْنٌ * وَغَزَالٌ لَحْظًا) أي: عينًا (وَقَدًّا) أي: قامةً (وَرَدْفًا) أي: عجيزة, يقول: كيف أصبر عن حبّك ودواعي الهوى موجودة فيك فإنّ لحظك كلحظ الغزال وقدّك كالغصن وردفك كالحِقْف, وكذا قولك ½هو شمس وأسد وبحر شجاعةً وجودًا وبهاءً¼ (والثاني) أي: ذكر متعدِّد على الإجمال (نحو) قوله تعالى: (﴿وَقَالُواْ لَن يَدۡخُلَ ٱلۡجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوۡ نَصَٰرَىٰۗ﴾) ذُكِر الفريقان اليهود والنصارى على الإجمال بضمير ½قالوا¼ ثمّ ذُكِر ما لكلّ منهما