فيها مبالغةً لكمالها فيه, وهو أقسام منها نحو قولهم: ½لِي من فلان صديق حميم¼ أي: بلغ من الصداقة حدًّا صحّ معه أن يُستخلَص منه آخرُ مثلُه فيها, ومنها نحو قولهم: ½لَئِنْ سَأَلْتَ فُلانًا لتَسْئلَنَّ به البَحْرَ¼, ومنها نحو قوله: وَشَوْهَاءَ تَعْدُوْبِيْ إِلَى صَارِخِ الْوَغَى* بِمُسْتَلْئِمٍ مِثْلِ الْفَنِيْقِ الْمُرَحَّل, ومنها نحو قوله تعالى: ﴿ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ ﴾ [حم السجدة:٢٨] أي: في جهنم وهي دار الخلد, ومنها نحو قوله: فَلَئِنْ بَقِيْتُ لَأَرْحَلَنَّ بِغَزْوَةٍ * تَحْوِي الْغَنَائِمَ أَوْيَمُوْتَ كَرِيْمُ, وقيل تقديره: ½أَوْ يَمُوْتَ مِنِّيْ كَرِيْمٌ¼ وفيه نظر,.......................................
(فيها) أي: في صفة (مبالغةً) أي: لأجل إفادة المبالغة في اتّصافه بتلك الصفة, وذلك (لكمالها فيه) أي: لادّعاء كمال تلك الصفة في ذلك المُنتزَع منه (وهو) أي: هذا التجريد (أقسام منها) تجريدٌ يحصل بإدخال ½مِنْ¼ على المُنتزَع منه (نحو قولهم ½لِي من فلان صديق حميم¼ أي: بلغ) فلان (من) مراتب (الصداقة حدًّا) أي: مرتبةً (صحّ معه) أي: مع ذلك الحدّ (أن يُستخلَص منه) أي: من فلان (آخرُ) أي: صديق آخر (مثلُه فيها) أي: مثل فلان في الصداقة (ومنها) أي: ومن أقسام التجريد ما يحصل بإدخال الباء على المُنتزَع منه (نحو قولهم ½لَئِنْ سَأَلْتَ فُلانًا لتَسْئلَنَّ به البَحْرَ¼) بالغ في اتّصافه بالكرم حتى انتزع منه بحرًا في الكرم (ومنها) أي: من أقسام التجريد ما يحصل بإدخال الباء على المُنتزَع (نحو قوله: وَشَوْهَاءَ) أي: وفرس قبيح المنظر (تَعْدُوْ) أي: تسرع (بِيْ إِلَى صَارِخِ الْوَغَى *) أي: إلى الصارخ في مكان الحرب (بِمُسْتَلْئِمٍ) حال من المجرور في ½بِيْ¼ أي: تعدو بي حالة كوني مصاحبًا للابسِ الدرع مستعدٍّ للحرب (مِثْلِ الْفَنِيْقِ) وهو الفحل من الإبل الذي ترك أهلُه ركوبَه تكرمة له (الْمُرَحَّل) أي: المرسل عن مكانه, شبّه الفرس به في القوّة, يقول تعدو بي ومعي من نفسي مستعدّ للحرب, فبالغ في استعداده للحرب حتّى انتزع منه مستعدًّا آخر (ومنها) أي: من أقسام التجريد ما يحصل بإدخال ½فِيْ¼ على المُنتزَع منه (نحو قوله تعالى: ﴿ لَهُمۡ فِيهَا دَارُ ٱلۡخُلۡدِ ﴾ أي: في جهنم) تفسير للضمير المجرور في ½فيها¼ (وهي) أي: جهنمُ نفسُها (دار الخلد) فانتُزِع منها دار أخرى مثلها تهويلاً لأمرها (ومنها) أي: من أقسام التجريد ما يكون بدون توسّط حرف (نحو قوله) أي: قول قتادة بن مسلمة (فَلَئِنْ بَقِيْتُ) حيًّا (لَأَرْحَلَنَّ) أي: لأسافرنّ (بِغَزْوَةٍ * تَحْوِي) أي: تجمع تلك الغزوة (الْغَنَائِمَ أَوْ) أي: إلاّ أنْ (يَمُوْتَ كَرِيْمُ) يريد به نفسه, فانتزع من نفسه كريمًا مبالغة في اتصافه بالكرم (وقيل تقديره: ½أَوْ يَمُوْتَ مِنِّيْ كَرِيْمٌ¼) يعني أنّ التجريد حاصل بإدخال ½مِنْ¼ على المُنتزَع منه فلا يكون قسمًا آخر (وفيه) أي: في هذا القيل (نظر) لأنّ التقدير إنما يرتكب إذا مسّت الحاجة ولا حاجة هنا لتمام المعنى بدونه