عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

وهما مقبولان, وإلاّ فغلوّ كقوله: وَأَخَفْتَ أَهْلَ الشِرْكِ حَتَّى إِنَّهُ * لَتَخَافُكَ النُطَفُ الَّتِيْ لَمْ تُخْلَقْ, والمقبول منه أصناف منها ما أُدخِل عليه ما يُقرِّبه إلى الصحّة نحو ½يَكَادُ¼ في قوله تعالى: ﴿ يَكَادُ زَيۡتُهَا يُضِيٓءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَارٞۚ﴾ [النور:٣٥], ومنها ما تضمّن نوعًا حسنًا من التخييل كقوله: عَقَدَتْ سَنَابِكُهَا عَلَيْهَا عِثْيَرًا * لَوْ تَبْتَغِيْ عَنَقًا عَلَيْهِ لَأَمْكَنَا, وقد اجتمعا في قوله: يُخَيَّلُ لِيْ أَنْ سُمِّرَ الشُهْبُ فِي الدُجَى * وَشُدَّتْ بِأَهْدَابِيْ إِلَيْهِنَّ أَجْفَانِيْ,..........................

ادّعى أنهم يكرمون جارهم حالة كونه مع غيرهم أيضًا, وهذا وإن كان ممكنًا عقلاً محالٌ عادةً (وهما) أي: التبليغ والإغراق (مقبولان) بالنظر إلى البديع, وأمّا بالنظر إلى البيان فالكلّ مقبول (وإلاّ) أي: وإن لم يكن المدّعى ممكنًا عقلاً ولا عادةً (فـ) المبالغة (غلوّ كقوله) أي: قول أبي نواس الحسن بن هانيء في مدح هارون الرشيد (وَأَخَفْتَ أَهْلَ الشِرْكِ) أي: أدخلت في قلوبهم الخوف ببطشك (حَتَّى إِنَّهُ *) بكسر همزة ½إنّ¼ لدخول اللام في خبرها (لَتَخَافُكَ النُطَفُ) جمع نطفة (الَّتِيْ لَمْ تُخْلَقْ) ادّعى خوف النطفة الغير المخلوقة, وهذا ممتنع عقلاً وعادةً, ثمّ من الغلوّ ما هو مقبول وما هو مردود (والمقبول منه) أي: من الغلوّ (أصناف منها) أي: من أصناف الغلوّ المقبولة (ما) أي: صنفٌ (أُدخِل عليه ما) أي: لفظٌ (يُقرِّبه) أي: يقرِّب الأمرَ الذي وقع فيه الغلوّ (إلى الصحّة نحو) لفظ (½يَكَادُ¼ في قوله تعالى: ﴿ يَكَادُ زَيۡتُهَا يُضِيٓءُ وَلَوۡ لَمۡ تَمۡسَسۡهُ نَارٞۚ) فإضاءة الزيت بلا نار محال عقلاً وعادةً وحيث قيل ½يكاد يضيء¼ أفاد أنّ المحال لم يقع ولكن قرب من الوقوع (ومنها) أي: ومن تلك الأصناف (ما) أي: صنفٌ (تضمّن نوعًا حسنًا من التخييل) أي: تخييل الصحّة (كقوله) أي: قول المتنبّي (عَقَدَتْ سَنَابِكُهَا) جمع سنبك وهو طرف مقدم الحافر أي: أثارتْ حوافرُ الخيل الجياد (عَلَيْهَا) أي: فوق رؤوسها (عِثْيَرًا *) أي: غبارًا (لَوْ تَبْتَغِيْ) تلك الخيل الجياد (عَنَقًا) أي: سيرًا سريعًا (عَلَيْهِ) أي: على ذلك العِثْيَر (لَأَمْكَنَا) أي: العَنَقُ, ادّعى أنّ الغبار المرتفع من حوافر الخيل فوق رؤسها تَراكَمَ حيث صار أرضًا يمكن سيرها عليه, وهذا ممتنع عقلاً وعادة لكنّه تخييل حسن نشأ من ادّعاء كثرة الغبار (وقد اجتمعا) أي: السببان الموجِبان للقبول وهما إدخال ما يقرِّبه إلى الصحّة وتضمّن التخييل الحسن (في قوله) أي: قول القاضي الأَرَجّانيّ (يُخَيَّلُ لِيْ) أي: يوقع في خيالي ووهمي من طولِ الليل وكثرةِ سهري فيه (أَنْ سُمِّرَ الشُهْبُ) أي: أُحكِمت النجوم بالمسامير (فِي الدُجَى *) أي: في ظلمة الليل (وَ) يخيّل لي مع ذلك أنْ (شُدَّتْ بِأَهْدَابِيْ إِلَيْهِنَّ) أي: إلى الشُهب (أَجْفَانِيْ) نائب الفاعل لـ½شدّت¼, فإحكامُ الشُهْب بالمسامير في الدجى وشدُّ الأجفان بأهداب العين محال عقلاً وعادةً لكنه تخييل حسن ولفظ ½يخيّل لي¼ يقرِّبه من الصحّة


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229