عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

ومنها ما أُخرِج مخرجَ الهذَلِ والخلاعةِ كقوله: أَسْكَرُ بِالْأَمْسِ إِنْ عَزَمْتُ عَلَى الشُرْ * بِ غَدًا إِنْ ذَا مِنَ الْعَجَبِ, ومنه المذهب الكلاميّ وهو إيراد حجّة للمطلوب على طريقة أهل الكلام نحو: ﴿ لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ﴾ [الأنبياء:٢٢], وقوله: حَلَفْتُ فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ ريْبَةً * وَلَيْسَ وَرَاءَ اللهِ لِلْمَرْءِ مَطْلَبُ * لَئِنْ كُنْتَ قَدْ بُلِّغْتَ عَنِّي خِيَانَةً * لَمُبْلِغُكَ الْوَاشِيْ أَغَشُّ وَأَكْذَبُ * وَلَكِنَّنِيْ كُنْتُ امْرَءًا لِيْ جَاِنبٌ * مِنَ الْأَرْضِ فِيْهِ مُسْتَرَادٌ وَمَذْهَبُ * مُلُوْكٌ وَإِخْوَانٌ إِذَا مَا مَدَحْتُهُمْ * أُحَكَّمُ فِيْ أَمْوَالِهِمْ وَأُقَرَّبُ * كَفِعْلِكَ فِيْ قَوْمٍ أَرَاكَ اصْطَفَيْتَهُمْ *

(ومنها) أي: من تلك الأصناف (ما) أي: صنفٌ (أُخرِج مخرجَ الهذَلِ) وهو الإتيان بما يكون للتضاحك (والخلاعةِ) وهي عدم المبالاة بما يؤتى من منكر أو غيره (كقوله) أي: قول الشاعر (أَسْكَرُ بِالْأَمْسِ إِنْ عَزَمْتُ عَلَى الشُرْ * بِ غَدًا إِنّ ذَا مِنَ الْعَجَبِ) فالسكر بالأمس عند عزم الشرب غدًا محال عقلاً وعادةً لما فيه من تقدّم المعلول على العلّة لكنّه إنما أتى به على سبيل الهزل والخلاعة فكان مقبولاً (ومنه) أي: ومن البديع المعنويّ (المذهب الكلاميّ وهو إيراد حجّة للمطلوب) أي: على المطلوب (على طريقة أهل الكلام) متعلِّق بالإيراد, أي: يؤتى بالدليل على صورة قياس استثنائيّ أو اقترانيّ (نحو) قوله تعالى: (﴿لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ) قياسٌ استثنائيٌّ مذكورُ الشرطيّةِ ومحذوفُ الاستثنائيّةِ والمطلوبِ لظهورهما أي: لكن وجود الفساد باطل بالمشاهدة فكذا الملزوم وهو وجود آلهة غير الله (و) نحو (قوله) أي: قول النابغة الذُبْيَاني يعتذر إلى النعمان بن المنذر في مدحه آل جفنة وكان بينهم وبين النعمان عداوة (حَلَفْتُ) بالله (فَلَمْ أَتْرُكْ لِنَفْسِكَ ريْبَةً *) أي: لم أُبْقِ عندك بسبب ذلك اليمين شكًّا في أنّي لستُ لك مُبغِضًا (وَلَيْسَ وَرَاءَ) سوى (اللهِ لِلْمَرْءِ مَطْلَبُ *) فلا ينبغي أن يكون الحالف به كاذبًا (لَئِنْ كُنْتَ قَدْ بُلِّغْتَ عَنِّي خِيَانَةً *) أي: غشًّا وعداوةً وبغضًا (لَمُبْلِغُكَ الْوَاشِيْ) أي: النمّام (أَغَشُّ) من كلّ غاشٍ أي: أخون (وَأَكْذَبُ *) من كلّ كاذب (وَلَكِنَّنِيْ) هذا شروع في بيان السبب لمدحه آلَ جفنة أي: ما كنت امرءاً قصدتُ بمدحي لهم التعريضَ بنقصك ولكنّني (كُنْتُ امْرَءًا لِيْ جَاِنبٌ * مِنَ الْأَرْضِ فِيْهِ) أي: في ذلك الجانب (مُسْتَرَادٌ) أي: موضع طلب الرزق (وَمَذْهَبُ *) أي: موضع ذَهاب للحاجات (مُلُوْكٌ) بدل من ½مستراد¼ (وَإِخْوَانٌ) عطف على البدل (إِذَا مَا مَدَحْتُهُمْ * أُحَكَّمُ) أي: أُجعَل حاكمًا (فِيْ أَمْوَالِهِمْ) متصرِّفًا فيها بما شئتُ أخذًا وتركًا (وَأُقَرَّبُ *) عندهم بالتوقير والتعظيم (كَفِعْلِكَ) أي: كما تفعله أنت (فِيْ قَوْمٍ أَرَاكَ اصْطَفَيْتَهُمْ *) أي: اخترتَهم لإحسانك


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229