عنوان الكتاب: تلخيص المفتاح

كقولك: ½فلان فاسق إلاّ أنه جاهل¼, وتحقيقهما على قياس ما مرّ, ومنه الاستتباع وهو المدح بشيء على وجهٍ يستتبع المدحَ بشيء آخر كقوله: نَهَبْتَ مِنَ الْأَعْمَارِ مَا لَوْ حَوَيْتَهُ * لَهُنِّئَتِ الدُنْيَا بِأَنَّكَ خَالِدُ, مدحَه بالنهاية في الشَجاعة على وجهٍ استتبع مدحَه بكونه سببًا لصلاحِ الدنيا ونظامِها, وفيه أنه نَهَب الأعمارَ دون الأموال وأنه لم يكن ظالمًا في قتلهم, ومنه الإدماج وهو أن يُضمَّن كلامٌ سِيق لمعنى معنى آخرُ فهو أعمّ من الاستتباع كقوله: أُقَلِّبُ فِيْهِ أَجْفَانِيْ كَأَنِّيْ * أَعُدُّ بِهَا عَلَى الدَهْرِ الذُنُوْبَا فإنه ضمَّن وصفَ الليل بالطول الشكايةَ من الدهر, ومنه التوجيه وهو إيراد الكلام مُحتمِلاً.................................................

(كقولك ½فلان فاسق إلاّ أنه جاهل¼ وتحقيقهما) أي: تحقيق وجه إفادة هذين الضربين للتأكيد (على قياس ما مرّ) في تأكيد المدح بما يشبه الذمّ, فالضرب الأوّل يفيد التأكيد من وجهين والثاني من وجه واحد (ومنه) أي: ومن البديع المعنويّ (الاستتباع وهو المدح بشيء على وجه يستتبع) أي: يستلزم (المدحَ بشيء آخر كقوله) أي: المتنبّي (نَهَبْتَ) أي: أخذتَ على وجه القهر (مِنَ الْأَعْمَارِ) جمع عمر (مَا لَوْ حَوَيْتَهُ *) أي: ما لو ضممتَه إلى عمرك (لَهُنِّئَتِ الدُنْيَا) أي: لقيل للدنيا هنيئًا لكِ (بِأَنَّكَ) أي: الممدوح (خَالِدُ) في الدنيا (مَدَحَه) أي: مدح الشاعرُ الممدوحَ (بالنهاية في الشَجاعة) لأنه جعل قتلاه بحيث يخلد في الدنيا وارث أعمارهم (على وجه استتبع) أي: استلزَمَ ذلك الوجهُ (مدحَه) أي: مدحَ الممدوح (بكونه سببًا لصلاح الدنيا و) صلاح (نظامِها) لأنه جعل خلوده تهنّأ به الدنيا (وفيه) أي: وفي البيت وجهان آخران من المدح أحدهما (أنه) أي: الممدوح (نَهَب الأعمارَ دون الأموال) وهذا يدلّ على علوّ همّته (و) ثانيهما (أنه) أي: الممدوح (لم يكن ظالمًا في قتلهم) لأنّ الظالم لا تهنئة ببقائه للدنيا (ومنه) أي: ومن البديع المعنويّ (الإدماج وهو أن يُضمَّن كلامٌ سِيق لمعنى) مدحًا كان أو غيرَه (معنى) مفعول ثانٍ لـ½يضمّن¼ (آخر) صفة ½معنى¼ (فهو) أي: الإدماج (أعمّ من الاستتباع) لأنه يشمل المدح وغيره بخلاف الاستتباع فإنه خاصّ بالمدح (كقوله) أي: قول المتنبّي (أُقَلِّبُ فِيْهِ) أي: في ذلك الليل (أَجْفَانِيْ) جمع جفن وهو غطاء العين (كَأَنِّيْ *) في حالة تقليبها (أَعُدُّ بِهَا) أي: بالأجفان من جهة حركتها (عَلَى الدَهْرِ الذُنُوْبَا) فكأنّ كلّ حركة ذنب فعله الدهر معه (فإنه) أي: لأنّ الشاعر (ضمَّن وصفَ الليل بالطول الشكايةَ من الدهر) فهو إدماج (ومنه) أي: ومن البديع المعنويّ (التوجيه وهو إيراد الكلام) حال كونه (مُحتمِلاً) على السواء


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

229