أو في الذمّ كقوله: وَمَا أَدْرِيْ وَسَوْفَ إِخَالُ أَدْرِيْ * أَ قَوْمُ آلِ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ, والتدلّه في الحُبّ في قوله: بِاللهِ يَا ظَبْيَاتِ الْقَاعِ قُلْنَ لَنَا * لَيْلاَيَ مِنْكُنَّ أَمْ لَيْلَى مِنَ الْبَشَرِ, ومنه القول بالمُوجَب وهو ضربان أحدهما أن تقَعَ صفةٌ في كلام الغير كنايةً عن شيء أُثبِتَ له حكمٌ فتُثبِتُها لغيره من غير تعرّض لثبوته له أو نفيه عنه نحو: ﴿ يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾ [المنافقون:٨], والثاني حَمْلُ لفظٍ وقَعَ في كلام الغير على خلاف مراده ممّا يحتمله بذكرِ متعلِّقِه..........................
(أو) كنكتة المبالغة (في الذمّ كقوله) أي: قول زهير بن أبي سُلْمَى (وَمَا أَدْرِيْ وَسَوْفَ إِخَالُ أَدْرِيْ *) أي: أظنّ أني سأدري فـ½سَوْفَ¼ محلّها بعد ½إِخَالُ¼, وهذه الجملة اعتراضية بين ½مَا أَدْرِيْ¼ ومعموله (أَ قَوْمُ آلِ حِصْنٍ أَمْ نِسَاءُ) هذا محلّ شاهد, فالشاعر يعلم أنّ آل حصن رجال لكنه تجاهل وأظهر أنه التبس عليه أمرهم في الحال فلم يدر هل هم رجال أم نساء, فهذا التجاهل للمبالغة في ذمّهم من حيث إنهم يلتبسون بالنساء (و) كنكتة (التدلّه) أي: التحيّر والتدهّش (في الحُبّ) كما (في قوله) أي: قول الحسين بن عبد الله الغريبي (بِاللهِ يَا ظَبْيَاتِ الْقَاعِ) وهو الأرض المستوية, و½بالله¼ قسم استعطاف للظبيات المنادَيات لتجيبه (قُلْنَ لَنَا * لَيْلاَيَ مِنْكُنَّ أَمْ لَيْلَى مِنَ الْبَشَرِ) فإنه يعلم أنّ ليلى من البشر لكنه تجاهل وأظهر أنه أدهشه الحبّ حتّى لا يدري هل هي من الظبيات الوحشية أم من البشر, ونُكَتُ التجاهل أكثرُ من أنْ تُحصَى (ومنه) أي: ومن البديع المعنويّ (القول بالمُوجَب وهو ضربان أحدهما أن تقَعَ صفةٌ في كلام الغير) حال كونها (كنايةً عن شيء أُثبِتَ له) أي: لذلك الشيء (حكمٌ) نائب الفاعل لـ½أُثبِتَ¼ (فتُثبِتُها لغيره) أي: فتُثبِتُ أنتَ في كلامك تلك الصفةَ لغير ذلك الشيءِ (من غير تعرّض لثبوته له) أي: لثبوت ذلك الحكم لذلك الغير (أو) لـ(نفيه عنه) أى: لنفي ذلك الحكم عن ذلك الغير (نحو) قوله تعالى: (﴿يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعۡنَآ إِلَى ٱلۡمَدِينَةِ لَيُخۡرِجَنَّ ٱلۡأَعَزُّ مِنۡهَا ٱلۡأَذَلَّۚ وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ ﴾) فـ½الأعزّ¼ صفة وقعت في كلام المنافقين كنايةً عن فريقٍ منهم أثبت لهم حكم وهو إخراج المؤمنين من المدينة, فأثبت الله تعالى تلك الصفة لغير فريقهم وهو الله تعالى ورسوله والمؤمنون من غير تعرّض لثبوت حكم الإخراج لهم ولا لنفيه عنهم (والثاني) أي: وثانيهما (حَمْلُ لفظٍ وقَعَ في كلام الغير على خلاف مراده) حال كون خلاف مراده (ممّا يحتمله) أي: من المعاني التي يحتملها ذلك اللفظ (بذكرِ) متعلِّقٌ بـ½حَمْلُ¼ والباء للسببيّة (متعلِّقِه) أي: متعلّق ذلك اللفظ, والمراد بالمتعلّق ما يُناسِب المعنى المحمولَ عليه اللفظُ سواء كان متعلِّقًا اصطلاحيًّا كالمفعول والجار والمجرور أو لا