نحو: ﴿ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ﴾ [الرعد:٩] أي: كلّ غيب وشهادة وعرفِيّ نحو: ½جمع الأمير الصاغَة¼ أي: صاغَة بلده أو مملكته, واستغراق المفرد أشمل بدليل صحّة ½لا رجال في الدار¼ إذا كان فيها رجل أو رجلان دون ½لا رجل¼، ولا تَنافي بين الاستغراق وإفراد الاسم؛ لأنّ الحرف إنما يدخل عليه مجرّدًا عن معنى الوحدة ولأنه بمعنى كلِّ فردٍ لا مجموع الأفراد, ولهذا امتنع وصفه بنعت الجمع,
وهو أن يراد كلُّ فرد ممّا يتناوله اللفظ لغةً (نحو) قوله تعالى: (﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ﴾ أي:) عالم (كلّ غيب وشهادة) فالمراد بالغيب والشهادة كلّ ما يتناوله لفظ الغيب والشهادة لغةً (و) الثاني استغراق (عرفِيّ) وهو أن يراد كلُّ فرد ممّا يتناوله اللفظ عرفًا (نحو: ½جمع الأمير الصاغَة¼) جمعُ صائغ وهو العالم بحرفة صياغة الحُلِيّ (أي:) جمع الأمير (صاغَة بلده أو) صاغة أطراف (مملكته) لا كلَّ ما يتناوله الصاغة لغةً, فهو استغراق عرفيّ (واستغراق المفرد أشمل) للأفراد من استغراق الجمع المنكّر فإنّ الأوّل يشمل كلَّ فرد والثاني يشمل كلَّ جمع (بدليل صحّة) قولك: (½لا رجال في الدار¼ إذا كان فيها رجل أو رجلان) لأنّ كون رجل أو رجلين في الدار لا ينافي نفي كون كلّ جمع فيها (دون) أي: لا يصحّ قولك: (½لا رجل) في الدار¼ وقتَ كون رجل أو رجلين فيها, وإنما قيّدنا الجمع بالمنكّر لأنّ الجمع المحلّى بلام الاستغراق أيضًا يشمل كلّ فرد كقوله تعالى: ﴿ إِنِّيٓ أَعۡلَمُ غَيۡبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ﴾ [البقرة:٣٣] و﴿ وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ﴾ [البقرة:٣٤] و﴿ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ [آل عمران:١٣٤], ولمّا كان قوله ½واستغراق المفرد...إلخ¼ مظنّة أن يقال: إنّ الاسم المفرد يدلّ على الوحدة والاستغراق يدلّ على التعدّد فهُمَا متنافيان فكيف يجتمعان! أجاب عنه بقوله (ولا تَنافي بين الاستغراق وإفراد الاسم) ثمّ علّله أوّلاً بقوله: (لأنّ الحرف) الدالّ على الاستغراق كحرف النفي ولام التعريف (إنما يدخل عليه) أي: على الاسم المفرد حال كونه (مجرّدًا) أي: خاليًا (عن معنى الوحدة) فلا اجتماع بين الوحدة والتعدّد, وعلّله ثانيًا بقوله: (ولأنه) أي: الاسم المفرد الداخل عليه حرف الاستغراق (بمعنى كلِّ فردٍ) فردٍ بدلاً عن الآخر بحيث لا يخرج فرد من الأفراد وهذا لا ينافي الوحدة (لا) بمعنى (مجموع الأفراد) الذي ينافي الوحدة (ولهذا) أي: ولأجل أنّ معناه كلّ فرد فرد لا مجموع الأفراد (امتنع وصفه) أي: وصف ذلك المفرد (بنعت الجمع) عند الجمهور فلا يصحّ أن يقال: ½الرجل العاقلون¼, وحكى الأخفش عن بعضهم: ½أهلك