لا لتسليم انتفاء الرسالة, وكقولك: ½إنما هو أخوك¼ لمن يعلم ذلك ويُقِرّ به وأنت تريد أن ترقّقه عليه, وقد ينزّل المجهول منزلة المعلوم لادّعاء ظهوره فيستعمل له الثالث نحو: ﴿ إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ ﴾ [البقرة:١١] ولذلك جاء ﴿ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ ﴾ [البقرة:١٢] للردّ عليهم مؤكَّدًا بما ترى، ومزيّةُ ½إنما¼ على العطف أنه يعقل منها الحكمان معًا، وأحسن مواقعها التعريض نحو:
فما قاله الرسل إنما هو للمجاراة (لا لتسليم انتفاء الرسالة) عنهم, ثم مثّل لأصل الطريق الثالث أي: ½إنما¼ بقوله (وكقولك ½إنما هو أخوك¼ لمن يعلم ذلك ويُقِرّ به) أي: بكونه أخًا له (وأنت تريد) بقولك المذكور (أن ترقّقه عليه) أي: أن تُصيِّره رقيقَ القلب مُشفِقًا على أخيه (وقد ينزّل) هذا مقابل لقوله ½بخلاف الثالث¼ أي: أصل الثالث ما أشير إليه وقد ينزّل الحكم (المجهول) عند المخاطب (منزلة) الحكم (المعلوم) له, وهذا التنزيل يكون (لادّعاء ظهوره) أي: ظهور ذلك الحكم (فـ) بسبب هذا التنزيل (يستعمل له) أي: للحكم المجهول الطريقُ (الثالث) وهو ½إنما¼ (نحو) قوله تعالى حكاية عن اليهود: (﴿إِنَّمَا نَحۡنُ مُصۡلِحُونَ﴾) جاءوا بـ½إنما¼ لبيان إصلاحهم مع أنه حكم مجهول بل معدوم محض لتنزيله منزلة المعلوم وذلك لادّعاءهم أن كونهم مصلحين أمر ظاهر وفيه إشعار بأنّ نقيضه وهو فسادهم ظاهر الانتفاء, فقد أنكروا الفساد الذي اتّصفوا به مبالِغين في إنكاره (ولذلك) أي: ولأجل ادّعاءهم ظهورَ إصلاحهم ومبالغتهم في إنكار الفساد الذي اتّصفوا به (جاء) قوله تعالى: (﴿أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلۡمُفۡسِدُونَ ﴾ للردّ عليهم) حال كون هذا القول (مؤكَّدًا بما ترى) أي: بمؤكِّداتٍ تعلمه كإيرادِ ½إنّ¼ المفيد لتأكيد المضمون والجملةِ الاسميّة المفيدة للدوام والثبوت وتعريفِ المسند المفيد للحصر وتوسيطِ الفصل المفيد لتأكيد ذلك الحصر وتصديرِ الكلام بحرف التنبيه الدالّ على العناية بإثبات المضمون والتعقيبِ بقوله ﴿ وَلَٰكِن لَّا يَشۡعُرُونَ ﴾ المفيد أنهم من جملة الموتى الذين لا شعور لهم وإلاّ لأدركوا إفسادهم بلا تأمّل, ثمّ بيّن مزيّة ½إنما¼ على العطف بقوله (ومزيّةُ ½إنما¼) أي: فضيلتها (على العطف) بـ½لاَ¼ و½بَلْ¼ ممّا يفيد الحصر (أنه يعقل منها) أي: يفهم من ½إنما¼ (الحكمان) أي: الإثبات للمذكور والنفي عمّا سواه (معًا) أي: دفعةً بخلاف العطف فإنه يفهم منه أحدهما أوّلاً والثاني ثانيًا نحو ½زيد جاهل لا عالم¼ و½ما زيد عالمًا بل جاهلاً¼, ثمّ أشار إلى أنّ لـ½إنما¼ مواقعَ وأحسنها ما يقصد به التعريض فقال (وأحسن مواقعها) أي: مواضعِ ½إنما¼ (التعريض) أي: الموقِع الذي يقصد به التعريض وهو استعمال الكلام في معنى ليُفهَم منه معنى آخر (نحو) قوله تعالى: