فالمقصود منه التنبيه على ضلالهم وأنه لا مذهب لهم ينجون به (و) كـ(الوعيد) والتخويف (كقولك لمن يُسِيء الأدب) معك: (½أ لم أؤدِّب فلانًا¼) وإنما يكون هذا وعيدًا (إذا علم) المخاطب (ذلك) أي: تأديبَك فلانًا (و) كـ(التقرير) أي: حملِ المخاطب على إقرار ما يعرفه (بإيلاء المقرَّرِ به الهمزةَ) أي: بأن تجعل ما أردت أن تحمل المخاطب على إقراره متّصلاً بالهمزة (كما مرّ) في حقيقة الاستفهام من أنك تجعل المستفهم عنه متّصلاً بالهمزة فتقول في تقرير الفاعل ½أ أنت ضربت¼ وفي تقرير المفعول ½أ زيدًا ضربت¼ وعلى هذا القياس (و) كـ(الإنكار كذلك) أي: بإيلاء المنكر الهمزةَ كالمفعولِ فيما مثَّله بقوله (نحو) قوله تعالى: (﴿أَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ ﴾) والفاعلِ في قوله تعالى: ﴿ أَهُمۡ يَقۡسِمُونَ رَحۡمَتَ رَبِّكَۚ﴾ [الزخرف:٣٢] (ومنه) أي: ممّا جاء فيه الهمزة للإنكار قولُه تعالى: (﴿أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ
عَبۡدَهُۥۖ﴾) فالمنكر هنا هو النفي (أي: الله كاف) عبده, وذلك لأنّ إنكار النفي نفي لذلك النفي (ونفي النفي إثبات) للمنفي (وهذا) المعنى أي: تحقيقُ أنّ الله تعالى كاف عبده (مرادُ مَن قال إنّ الهمزة فيه) أي: في ﴿ أَلَيۡسَ ٱللَّهُ بِكَافٍ عَبۡدَهُۥۖ﴾ (للتقرير) أي: لحمل المخاطب على الإقرار (بما دخله النفي) وهو ½الله كاف عبده¼ (لا) للتقرير (بالنفي) وهو ½ليس الله بكاف عبده¼, فيصحّ أن يقال إنّ الهمزة فيه للتقرير كما يصحّ أن يقال إنها للإنكار وكلاهما حسن, ثمّ قوله ½والإنكار كذلك¼ يدلّ على أنّ صورة إنكار الفعل أنْ يلي الفعلُ الهمزةَ نحو ½أضربت زيدًا¼ ولمّا كان له صورة أخرى لا يليها فيها أشار إليها بقوله: (ولإنكار الفعل صورة أخرى وهي نحو ½أزيدًا ضربت أم عمرًا¼) فهذا يكون إنكارًا لأصل الفعل إذا قلته (لمن يردّد الضرب بينهما) أي: بين زيد وعمرو بأن لا يعتقد تعلّقَه بغيرهما فإذا أنكرتَ تعلّقَه بهما فقد نفيتَه عن أصله (والإنكارُ) أي: الاستفهام الإنكاريّ (إمّا للتوبيخ) ويسمّى إنكارًا توبيخيًّا أي: إمّا للتعيير على أمرٍ قد وقع في الماضي أو على أمرٍ خِيف وقوعُه في المستقبل ففي القسم الأوّل يفسّر التوبيخ بما يقتضي الوقوع وفي الثاني يفسّر بما لا يقتضي الوقوع كما فسّره بقوله