هذه السَّاعةَ هي الفرصةُ الأخيرةُ أمامَه لغَوايَة هذا العبد الْمُحتَضَرِ، فيَسْتَعْمِلُ كلَّ قوّةٍ وكلَّ حيلة ويَسْتَنْفِرُ عليه كلَّ أعْوانه، فلا تأمَنوا مكرَ الله وتَفكَّروا بشدّةِ سَكَرات الموت وظهورِ أهوالِه وغَمَراتِه، وَاحترِزوا من الأسباب التي تُفْضِي إلى سوء الخاتمةِ واعلموا أنّ ألَمَ الموت أفْظَعُ هولٍ في الدنيا والآخرة، وعندما يرى الْمُحْتَضَرُ مَلَكَ الموت تحصل لديه السَّكَراتُ والعَبَراتُ فهو يسمعُ ولا يستطيعُ أن يرُدَّ، ولا يستطيعُ أن يُعَبِّرَ، ويَحصُل لديه ارتباكُ القلب وعدمُ انتظامِ ضَرَباتِه، فيَصْحُو أحيانًا ويَغْفُو أحيانًا من شدَّة سَكَرات الموت فقد رُوِي: لو أنّ قَطْرَةً من ألمِ الموت وُضِعَتْ على أهلِ السّماء والأرضِ لَماتوا جَميعًا([1]).
وكَان أبُو الدَّرداء رضي الله تعالى عنه يَحْلِفُ بالله: ما أحَدٌ آمَنَ على إِيمانِه أن يُسْلَبه عند الموتِ إلاّ سُلبَه([2]).