فقال: أَتَصَدَّقُ بِهَا وَأَشْتَرِي لَهُ بِهَا مِنْ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ مَنْزِلًا فِي الْجَنَّةِ، فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا دَفَعْتُ إِلَيْهِ دَرَاهِمَهُ، فَاشْتَرَى دَقِيقًا وَخَبَزَهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ.
فَلَمَّا قَدِمَ الْخُرَاسَانِيُّ مِنْ مَكَّةَ أَتَى سيدنا حَبِيبًا رحمه الله تعالى فقال: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! أَنَا صَاحِبُ الْعَشَرَةِ الْآلَافِ فَمَا أَدْرِي أشْتَرَيْتَ لَنَا بِهَا مَنْزِلًا أَوْ تَرُدُّهَا عَلَيَّ فَأَشْتَرِي أَنَا بِهَا.
فقال: لَقَدِ اشْتَرَيْتُ لَكَ مَنْزِلًا فِيهِ قُصُورٌ وَأَشْجَارٌ وَثِمَارٌ وَأَنْهَارٌ، قَدِ اشْتَرَيْتُ لَكَ مِنْ رَبِّي مَنْزِلًا فِي الْجَنَّةِ بِقُصُورِهِ وَأَنْهَارِهِ وَوُصَفَائِهِ.
فانصَرَفَ الرَّجُلُ إِلَى امْرَأَتِهِ، فقال لَهَا: إِنَّ سيدنا حَبِيبًا رحمه الله تعالى إِنَّمَا اشْتَرَى لَنَا مِنْ رَبِّهِ الْمَنْزِلَ فِي الْجَنَّةِ.
فقالت: يا فلان! أَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ وَفَّقَ اللهُ سيدنا حَبِيبًا رحمه الله تعالى، فَارْجِعْ إِلَيْهِ فَلْيَكْتُبْ لَنَا كِتَابًا بِعُهْدَةِ الْمَنْزِلِ.
قال: فَأَتَيْتُ سيدنا حَبِيبًا رحمه الله تعالى فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! قَبْلِنَا مَا اشْتَرَيْتَ لَنَا فَاكْتُبْ لَنَا كِتَابَ عُهْدَةٍ.
فقال: نَعَمْ، فَدَعَا مَنْ يَكْتُبُ لَهُ الْكِتَابَ فَكَتَبَ: "بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا مَا اشْتَرَى حَبِيبٌ أَبُو مُحَمَّدٍ مِنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِفُلَانٍ الْخُرَاسَانِيِّ، اشْتَرَى لَهُ مِنْهُ مَنْزِلًا فِي الْجَنَّةِ بِقُصُورِهِ وَأَنْهَارِهِ وَأَشْجَارِهِ وَوُصَفَائِهِ وَوَصِيفَاتِهِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَعَلَى رَبِّهِ تَعَالَى أَنْ يَدْفَعَ هَذَا الْمَنْزِلَ إِلَى فُلَانٍ الْخُرَاسَانِيِّ وَيُبَرِّئُ حَبِيبًا مِنْ عُهْدَتِهِ".