عنوان الكتاب: فضل إخفاء الأعمال الصالحة

يا صاحبَ السرِّ إنّ السرَّ قد ظهَرَا*****ولا أُريدُ حَيَاة بَعدَمَا اشْتهرَا.

ثمّ سجد، فقبضه الله في سجوده رضي الله عنه ونفعنا به، آمين[1].

أسلوب بديع لإخفاء الحسنات

قال سيدنا عبدُ اللهِ رحمه الله تعالى: صَحِبْتُ سيدنا مُحمّدَ بنَ أسلَمَ الطُّوسي رحمه الله تعالى نَيِّفًا وَعِشْرِينَ سَنَةً، لَمْ أَرَهُ يُصَلِّي حَيْثُ أَرَاهُ رَكْعَتَيْنِ مِنَ التَّطَوُّعِ إِلَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَا يُسَبِّحُ وَلَا يَقْرَأُ حَيْثُ أَرَاهُ وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَعْلَمُ بِسِرِّهِ وَعَلَانِيَتِهِ مِنِّي، وَسَمِعْتُهُ يَحْلِفُ كَذَا كَذَا مَرَّةً أَنْ لَوْ قَدَرْتُ أَنْ أَتَطَوَّعَ حَيْثُ لَا يَرَانِي مَلَكَايَ لَفَعَلْتُ، وَلَكِنْ لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ.

وَكَانَ رحمه الله تعالى يَدْخُلُ بَيْتًا وَيُغْلِقُ بَابَهُ وَيُدْخِلُ مَعَهُ كُوزًا مِنْ مَاءٍ، فَلَمْ أَدْرِ مَا يَصْنَعُ حَتَّى سَمِعْتُ ابْنًا لَهُ صَغِيرًا يَبْكِي بُكَاءَهُ فَنَهَتْهُ أُمُّهُ، فَقُلْتُ لَهَا: مَا هَذَا الْبُكَاءُ؟

فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا الْحَسَنِ (أي: سيدنا محمّد بن أسلَمَ الطوسي رحمه الله تعالى) يَدْخُلُ هَذَا الْبَيْتَ فَيَقْرَأُ القُرْآنَ وَيَبْكِي فَيَسْمَعُهُ الصَّبِيُّ فَيُحَاكِيهِ، فَكَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ غَسَلَ وَجْهَهُ وَاكْتَحَلَ فَلَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ الْبُكَاءِ[2].


 

 



[1] "روض الرياحين"، الحكاية الخمسون بعد الثلاث مئة، ص ٢٨٨.

[2] "حلية الأولياء"، محمد بن أسلم، ٩/٢٥٤، (١٣٨٠٣).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

25