النَّاقَةِ، ورَجَعْتُ إلى الإبِلِ، فأَخَذْتُ الْفَحْلَ، فجِئْتُ به فقَالَ لِجُلَسَائِه: مَنْ رَجُلاَنِ يَحْتَسبَانِ عَمَلَهُمَا؟ قالَ رَجُلاَنِ: نَحْنُ.
قالَ: أَمَّا لا، فأَنِيْخَاهُ ثُمَّ اعْقِلاَه، ثُمَّ انْحَرَاهُ، ثُمَّ عُدُّوْا بُيُوتَ الْمَاءِ فجَزِّئُوْا لَحْمَه على عَدَدِهِم وَاجْعَلُوْا بَيْتَ أَبي ذَرٍّ بَيْتًا مِنْها، ففَعَلُوا. فلَمَّا فُرِّقَ اللَّحْمُ دَعَانِي فقالَ: ما أَدْرِي أَحَفِظْتَ وَصِيَّتِي فظَهَرْتَ بِها أَمْ نَسِيْتَ فأُعْذِرُكَ؟ قُلْتُ: ما نَسِيْتُ وَصِيَّتَكَ ولكنْ لَمَّا تَصَفَّحْتُ الإبِلَ، وَجَدْتُ فَحْلَها أَفْضَلَها، فَهَمَمْتُ بِأَخْذِه، فَذَكَرْتُ حاجَتَكُمْ إليه فتَرَكْتُه فقالَ: ما تَرَكْتَهُ إلاّ لِحَاجَتِي إلَيْه؟ قُلْتُ: ما تَرَكْتُ إلاّ لِذلك، قالَ: أَفَلاَ أُخْبِرُكَ بِيَوْمِ حاجَتِي؟ إنَّ يَوْمَ حاجَتِي يَوْمَ أُوْضَعُ في حُفْرَتِي فذلك يَوْمُ حَاجَتِي إنَّ في الْمَالِ ثَلاَثَةَ شُرَكَاءَ: اَلْقَدَرُ لا يَنْتَظِرُ أَنْ يَذْهَبَ بِخَيْرِها أو شَرِّها والْوَارِثُ يَنْتَظِرُ مَتَى تَضَعُ رَأْسَكَ ثُمّ يَسْتَفِيْئُها وأَنْتَ ذَمِيْمٌ وأَنْتَ الثَّالِثُ فإِنْ اِسْتَطَعْتَ أَنْ لا تَكُوْنَنَّ أَعْجَزَ الثَّلاَثَةِ فلاَ تَكُوْنَنَّ مَعَ أَنَّ اللهَ يَقُوْلُ: ﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ﴾. وإِنَّ هذا الْمَالَ مِمَّا أُحِبُّ مِنْ مَالِي، فأَحْبَبْتُ أَنْ أُقَدِّمَه لِنَفْسِي[1].