لمحة من سيرة فضيلة الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله | الشيخ أيمن ياسر بكار


نشرت: يوم الإثنين،17-أبريل-2023

لمحة من سيرة فضيلة الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله

حمل شهرُ رمضانَ في طيّاته العديدَ من الإنجازات العظيمة، وأنجبَتْ أيامُهُ الكثيرَ من الشخصيات الكريمة، كيف لا؟ فهو شهر الخيرات والبركات، وهو شهر القرآن والصيام والقربات، وهو شهر ليلةِ القدرِ والقيامِ في الظلمات، وهو شهر الجودِ والكرمِ والعطاء، ولما كان ربّنا هو الجواد الكريم المعطي؛ جاد علينا في شهر الجود والعطاء بعبدٍ من عباده الصالحين، ورجلٍ من الرجال المعدودين، عالم كان له أثرٌ كبيرٌ في الخير، ولم يقتصر نفعُهُ على بيئتِهِ ومحيطِهِ فحسب، بل تجاوز ذلك إلى دوائرَ واسعةٍ وبقاعٍ عديدةٍ، تلك الشخصية الفذّة، وذلك الرجل الفريد، والعالم العامل المخلص الصالح المصلح هو:

فضيلةُ الشيخ المربّي محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى، الرجل الذي ملأَ الدنيا خيار، وشغّل الناس في الخير.

وسنحاول في هذه المقالة أن نسلّط الضوء على شيء من سيرته، وإن كانت لا توفّيه حقّه ولا تُظهرُ قدرَه؛ إلاّ أننا سنحاول أن نستشفّ شيئًا من فضله ومنزلته

مولده ونشأته:

ولد الشيخ محمد إلياس العطار القادري -حفظه الله تعالى- في 26 من شهرِ رمضان المبارك، عامَ تسعمائة وستين وثلاثمائة وألف (26/09/1369 هـ) الموافق للثاني عشر من شهر تموز عام خمسين وتسعمائة وألف (12/07/1950 م)، فازدادَ شأنُهُ كرامةً، وازدادت ولادته بشارةً وبركةً.

مُنذُ نعومةِ أظفارِهِ تعلّقَ قلبُهُ بالمساجدِ، وأحبّ طلبَ العلم، فحرص على حضورِ حَلَقَات العلم ومجالسة العلماء، ومصاحبةِ أهلِ الدينِ والصلحاءِ، ولازم المفتيَ العامّ لباكستان فضيلة الشيخ "محمد وقار الدين القادري رحمه الله تعالى"، شيخ الحديث في دار العلوم الأمجدية في كراتشي، وكان مريدًا لشيخِ الطريقةِ القادريةِ العليةِ في زمانه، وشيخ العرب والعَجَم في حينه، قُطْب المدينة وقبلة الصالحين العلامة ضياء الدين أحمد المدني رحمه الله تعالى وهو وريث الإمام الأشهر في القارّة الهندية سيدي الإمام أحمد رضا خان الحنفي الماتريدي رحمه الله تعالى.

وهذا الحِرْصُ وهذه المثابرةُ والمصاحبةُ التي عاشها الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى، أثمرت رجل علم وعمل، ورجلَ فكرٍ وتربية، ورجلاً في همة عالية.

والحديث عن الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله تعالى حديث شيّقٌ نافع، ولا يمكن لهذه المقالة البسيطة أن تحيط بجميع جوانبه أو تذكر كل تفاصيله، لهذا سأحدّثكم عن شيء واحدٍ تميّز به الشيخ بشكل ملحوظ، ألا وهو الدعوة إلى الله تعالى.

الدعوة إلى الله في حياة الشيخ محمد إلياس العطار القادري حفظه الله

كان من أهمِّ ما تميّز به فضيلة الشيخ -حفظه الله تعالى- هو حرصُهُ الشديد على الدين وعلى الأمة الإسلامية، فكان يريدُ من جميع المسلمين أن يحافظوا على صلواتِهِم، ويرجو جميعَ المسلمين أن تكونَ حياتُهم مرآةَ السننِ النبوية، وكان يخاف على جميع المسلمين من أهل الضلال وبدعهم، ويخشى على جميع المسلمين من فتنة الدنيا والمال وغرورِ المعصية، ومن هذه المبادئِ كانت انطلاقتُهُ وسعيُهُ في الإصلاح، فكان يبذل جهدَهُ في الحديث مع الناس فُرادى وجماعاتٍ، وذلط لاستقطابهم إلى المسجدِ وتحبيبِهم في التعلّم والعبادة والذكر، وكان يحثّهم على أن يقتطعوا اليوم واليومين من أيام أسبوعهم ليعتكفوا في المساجد وينقطعوا عن الدنيا ومشاغلها، ليخلوا بربّهم، وليخلوا بأنفسِهم ويتفرّغوا لمحاسبتها.

وكان الشيخ -حفظه الله- يسافر من أجلِ هذه الغاية في سائرِ أرجاءِ باكستان على اتساعها وترامي أطرافها، فيحدّث الناس ويعظهم ويذكّرهم، وعلى الرغم من غاياته النبيلة وعمله الدؤوب؛ فقد كان يتعرّض للإساءات من بعض الناس، وهذه سنة الله تعالى في الدُّعاةِ إليه، وكان الشيخ يقابل تلك الإساءاتِ بالصبر والحِلمِ والأَناة، يتلطّف الناس، ويتألّف قلوبهم، فبضاعة الشيخ محمد إلياس العطار القادري -حفظه الله- بضاعةُ الآخرةِ التي لا حظّ فيها للدنيا والنفس.

ثم نمت الدعوة وازدادتِ الجهودُ الدعوية، فصار الشيخ -حفظه الله- يسافر للدعوة خارجَ باكستان، فزار العراقَ وجنوب أفريقيا، والإمارات العربية والهند، وغيرَها الكثير من البلدان، وهذا النمو والاتّساعُ في الدعوة نتج عنه تأسيسُ مركزٍ خاصٍّ يعتني بالشؤونِ الدينيةِ والدعَوَيةِ، والذي تأسّس في والذي تأسّس في 3 ذي القعدة عام 1401 هـ، وأُنشِئَ المركزُ باسمِ "مركز الدعوة الإسلامية" ليكون مركزًا للعلم والتربية، ومنارةً للهدى، ومُنطَلَقًا للعمل الدعوي، ولم يقتصر الأمر على هذا؛ بل بلغ التنظيمُ والترتيبُ لأعمالِ الدعوةِ أعلاه، فوضعَ تخطيطٌ عمليّ يسيرُ عليه دُعاة المركز، وذلك حتى يؤتي المركزُ ثمارًا طيبة، وهذا التخطيطُ يتألّفُ من عدّة أفعالٍ وأنشطةٍ، بلغ مجموعُها "12" نشاطًا وعملاً: خمسةُ أعمالٍ يومية، وخمسةُ أعمالٍ أسبوعية، وعملان شهريّان.

* الأعمال اليومية*

- نداء الفجر: وهو إيقاظُ الناسِ لصلاةِ الفجر، ودعوتُهم لأدائِها جماعةً في المسجد.

- حَلْقةُ التفسير: وفيها أذكارُ ما بعدَ الصلاة، وأذكارُ الطريقةِ القادرية، ودرسٌ في التفسير، ودرسٌ في الحديث، ويشترط في جميعها أن تكون قصيرة حتى لا تضجرَ بها النفوس.

- حلقة السنة: وفيها درسٌ يوميٌّ لتعليمِ سُننِ الهدى وأعمالِ المصطفى ﷺ.

- حلقة القرآن الكريم: وفيها تعليم التجويد وتلاوة القرآن الكريم.

- الدعوة الفردية: وهي اتباعُ الشيخ محمد إلياس العطار القادري -حفظه الله- في دعوتِهِ إلى الله وفعلُ أفعالِهِ من محادثةِ الناسِ ودعوتِهم إلى المسجدِ وإلى الانضمامِ إلى هذه البيئة الصالحة.

* الأعمال الأسبوعية*

الاجتماع الأسبوعي: وهو درسٌ أسبوعيٌّ مُطوّلٌ، يكون في يوم الخميس عمومًا ويختلف بحسب البلد، وموضوعه التعليمُ والموعظةُ والذكر.

الاعتكاف الأسبوعي: ويكون بعدَ الاجتماع الأسبوعيّ، حيث يبقى الإخوةُ في المسجد للعبادةِ والذكرِ واللقاءِ والتآخي.

الجولة الدعوية: تكون بالذهابِ إلى المناطق المجاورة، وذلك للقاءِ الناس ودعوتهم لحضورِ الاجتماعِ الأسبوعي والاعتكافِ في المسجد.

الرسالة الأسبوعية: وهي قراءة رسالة صغيرة من الرسائل الصادرة عن المركز، وتبليغها للناس.

المذاكرة المدنية: وهو البرنامج الجميلُ الشهيرُ الذي يُطِلّ من خلاله فضيلة الشيخ محمد إلياس العطار القادري -حفظه الله- على طلاّبه ومريديه ومحبّيه في باكستان وحول العالم، يكون فيه العلم والفائدة والنصيحة والإرشاد.

* الأعمال الشهرية*

الأعمال الصالحة: وهو جدولٌ يضمّ قائمةً بـ"اثنين وسبعين (72)" عملاً صالحًا من الطاعاتِ والسننِ، وينبغي على أبناء مركز "الدعوة الإسلامية" تطبيقَها في حياتهم قدرَ المستطاع مما يساهم في ترقيتهم.

القافلة الدعوية: وهي السفر في سبيل الدعوة إلى مدنٍ وبلادٍ أخرى، لتعليمِ الناس وتذكيرِهم ودعوتِهم إلى الانضمام إلى هذه البيئة الصالحة التي شيّدها فضيلة الشيخ محمد إلياس العطار القادري -حفظه الله- والتي سمّاها بيئةَ المدينة، تيمّنًا بالمدينةِ الطيّبةِ صلى الله على ساكنِها وعلى آله وصحبه وسلم، وكتب الله تعالى النجاحَ لهذا العمل الصادق المخلص، فكثُرتِ المراكزُ وانتشرت في مختلف البلاد، وكثُر المريدون والمحبّون في كل مكان، وهذه المقالة ليست سوى غيضٍ من فيضٍ، وليست سوى محاولةٍ لجمع عظيم البحور في قليل السطور.

فنسأل الله أن تكون بطاقة تعريفية مختصرة ينفع الله بها العباد، ويبارك الله ببركة صاحبها البلاد، والحمد لله رب العالمين.


#مركز_الدعوة_الاسلامية
#مركز_الدعوة_الإسلامية
#الدعوة_الإسلامية
#مجلة_نفحات_المدينة
#نفحات_المدينة

تعليقات



رمز الحماية