النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم لَقِيَهم فقال: "لقد بلغ وعيد قريشٍ منكم المبالغ، ما كانت تكيدهم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم" فلما سمعوا ذلك من النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم تفرَّقوا، فبلغ ذلك كفار قريش، فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود: إنكم أهل الحلقة والحصون وإنكم لتقاتلنَّ صاحبنا أو لنفعلنَّ كذا وكذا، ولايحول بيننا وبين خدم نسائكم شىء، وهي الخلاخيل، فلما بلغ كتابهم النبي صلى اللّه عليه وسلم أجمعت بنو النضير بالغدر، فأرسلوا إلى النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم: اخرج إلينا في ثلاثين رجلاً من أصحابك، وليخرج منَّا ثلاثون حبراً، حتى نلتقي بمكان المنصف فيسمعوا منك، فإِن صدّقوك وآمنوا بك آمنا بك، فقصّ خبرهم، فلما كان الغد غدا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالكتائب فحصرهم فقال لهم: "إنَّكم واللّه لاتأمنون عندي إلاَّ بعهدٍ تعاهدوني عليه" فأبوا أن يعطوه عهداً فقاتلهم يومهم ذلك، ثم غدا الغد على بني قريظة بالكتائب، وترك بني النضير ودعاهم إلى أن يعاهدوه فعاهدوه، فانصرف عنهم وغدا على بني النضير بالكتائب، فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء، فجلت بنو النضير واحتملوا ما أقلَّت الإِبل من أمتعتهم وأبواب بيوتهم وخشبها، فكان نخل بني النضير لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خاصة، أعطاه اللّه إياها وخصَّه بها فقال تعالى: {وما أفاء اللّه على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولاركابٍ} يقول: بغير قتال فأعطى النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أكثرها للمهاجرين وقسمها بينهم، وقسم منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما، وبقي منها صدقة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم التي في أيدي بني فاطمة رضي اللّه عنها.
3005ـ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا عبد الرزاق، أخبرنا ابن جريج، عن موسى بن عُقبة، عن نافع، عن ابن عمر
أن يهود النَّضير وقُرَيْظة حاربوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأجلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بني النضير، وأقرَّ قريظة ومنَّ عليهم حتى حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسَّم نساءهم وأموالهم وأولادهم بين المسلمين إلا بعضهم لحقوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأمَّنهم وأسلموا، وأجلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يهود المدينة كلَّهم: بني قينقاع، وهم قوم عبد اللّه بن سلام، ويهود بني حارثة، وكل يهودي