كان هُناكَ رَجُلٌ يُحافِظُ على الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ كُلَّ يَوْمٍ، وكان غَنِيًّا ثَرِيًّا، كَرِيْمًا سَخِيًّا، ويُعِيْنُ الفُقَرَاءَ والأَرامِلَ، ويُزَوِّجُ اليَتامَى، وقَد حَجَّ بيتَ اللهِ، مات هذا الرَّجُلُ صَباحًا سنةَ ١٩٧٣م، وتَأَثَّرَ به أَهْلُ الْحَيِّ، لِكَوْنِه حَسَنَ الْخُلُقِ والتَّعامُلِ، فاجْتَمَعَ الْمُعَزُّوْن، وقَد حَضَرَ جَنازَتَه خَلْقٌ كَثيرٌ مِن النّاس، وذَهَبَ الْجَمِيعُ إلى الْمَقْبَرَةِ، وعِندَما أُتِيَ به لِيُدْخَلَ إلى القبرِ إنْغَلَقَ قبرُه بنَفسِه، فاسْتَغْرَبَ النّاسُ جَمِيْعًا، ثُمَّ حَفَرُوْا القبرَ مَرَّةً أُخْرَى وعِندَما أَرادُوْا أَنْ يُدْخِلُوْه إلى القبرِ انْغَلَقَ قبرُه بنَفسِه ثانِيَةً، فوَقَفَ النّاسُ مُسْتَغْرِبِيْنَ ومُتَعَجِّبِيْنَ، ثُمَّ حَصَلَ مَعَهُمْ ذلك مَرَّةً ثالِثَةً، ثُمَّ حاوَلُوْا الرَّابِعَةَ حتَّى نَجَحُوْا في دَفْنِه، وبِمُجَرَّدِ أنْ رَجَعُوْا مِن إهْداءِ الثَّوابِ لِلْمَيِّتِ شَعَرُوْا بأنَّ الأَرْضَ تَتَحَرَّكُ، فنَظَرُوْا إلى الْخَلْفِ فإذا بِهِمْ يَرَوْنَ مَنْظَرًا مُهِيْبًا، حَدَثَتْ صُدُوْعٌ في قبرِه، وخَرَجَتْ نارٌ تَلْهَبُ مِن قبرِه، وأَصْواتُ صِياحٍ تُسْمَعُ بوُضُوْحٍ مِن داخِلِ القبرِ، فاسْتَغْرَبَ النّاسُ جَمِيعًا لِمَا شاهَدُوْا مِن مَشْهَدٍ مُخِيْفٍ مُؤَثِّرٍ، وهَرَبُوْا كَيْفَما أَمْكَنَ، وكانوا مُسْتَغْرِبِيْنَ ومُتَفَكِّرِيْنَ لأَيِّ وَجْهٍ يُعَذَّبُ في القبرِ؟!