وها هو سيّدنا عثمان بن عفّان رضي الله عنه كان إذا رَأَى القبرَ بكى بُكاءً شديدًا خوفًا وخشيةً مِن الله تعالى، ومع العلم أنّه مِن أهل الجنّة قطعًا؛ لأنّ سيّدنا النبيَّ ﷺ بشّره بها، وقد روي عن سيّدنا هَانِئ مولى عثمان رضي الله عنه ما قال: كان سيّدنا عثمان بن عفّان رضي الله عنه إِذَا وَقَفَ عَلَى قَبْرٍ بَكَى حَتَّى يَبُلَّ لِحْيَتَهُ، فَقِيلَ لَهُ: تُذْكَرُ الجَنَّةُ وَالنَّارُ فَلَا تَبْكِي وَتَبْكِي مِنْ هَذَا؟
فقال: إِنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قال: «إِنَّ القَبْرَ أَوَّلُ مَنْزِلٍ مِنْ مَنَازِلِ الآخِرَةِ، فَإِنْ نَجَا مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَيْسَرُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْجُ مِنْهُ فَمَا بَعْدَهُ أَشَدُّ مِنْهُ».
قال: قَالَ النبيُّ ﷺ: «مَا رَأَيْتُ مَنْظَرًا قَطُّ إِلَّا وَالقَبْرُ أَفْظَعُ مِنْهُ»[1].
أحبّتي في الله! كم كان عباد الله الصالحون يفكّرون في أحوال القبر!؟ وكم كانوا يبتعدون عن زخارف الدُّنيا واتّباع شهوات النفس!؟ هذا لأنهّم قد عرفوا أنّ حبّ الدنيا واتّباع الشهوات هما سببَا خسارة الآخرة، أمّا نحن وياللأسف! ربّما ذهبنا إلى المقبرة مرارًا وأنزلنا الموتى في قبورهم بأيدينا، لكنّنا ما زلنا لا نأخذ العظة والعبرة من الّذين كانوا يتّبعون شهواتهم ويعتبرون الدّنيا كلَّ شيء، وهم يحصدون ثمار أعمالهم في القبور اليوم.
تذكّروا! أنّ القبور التي تبدو متشابهة من الخارج ليسَتْ هي نفسها من الداخل، فإنّ بعض القبور قد تكون روضةً مِنْ رياض الجنّة، بينما