وعَنْ سَيِّدِنَا أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه عَنِ الْحَبِيْبِ الْمُصْطَفَى صلّى الله تعالى عليه وآله وسلّم قالَ: «سَلَكَ رَجُلاَنِ مَفَازَةً أَحَدُهُمَا عابِدٌ والآخَرُ به رَهَقٌ، فعَطَشَ الْعَابِدُ حَتَّى سَقَطَ، فجَعَلَ صَاحِبُه يَنْظُرُ إلَيْه، ومعَهُ مِيْضَأَةٌ فِيْهَا شَيْءٌ مِنْ مَاءٍ، فجَعَلَ يَنْظُرُ إلَيْه وهو صَرِيْعٌ، فقالَ: والله لَئِنْ ماتَ هَذَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ عَطَشًا ومَعِيَ ماءٌ لا أُصِيْبُ مِنَ الله خَيْرًا أَبَدًا، ولَئِنْ سَقَيْتُه مائِي، لأَمُوْتَنَّ فتَوَكَّلَ علَى الله وعَزَمَ فرَشَّ علَيْه مِنْ مَائِه، وسَقَاهُ فَضْلَه، فقَامَ حَتَّى قَطَعَ الْمَفَازَةَ فيُوْقَفُ الَّذِي به رَهَقٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِلْحِسَابِ فيُؤْمَرُ به إلى النَّارِ فتَسُوْقُهُ الْمَلاَئِكَةُ فيَرَى الْعَابِدَ فيَقُوْلُ: يا فُلاَنُ، أَمَا تَعْرِفُنِي؟ فيَقُوْلُ: ومَنْ أَنْتَ؟ فيَقُوْلُ: أنَا فُلاَنٌ الَّذِي آثَرْتُكَ على نَفْسِي يَوْمَ الْمَفَازَةِ فيقولُ: بَلَى، أَعْرِفُكَ، فيقول لِلْمَلاَئِكَةِ: قِفُوْا فيَقِفُوْنَ ويَجِيْءُ، حَتَّى يَقِفَ، فيَدْعُو رَبَّه عزّ وجلّ، فيقولُ: يا رَبِّ، قَدْ تَعْرِفُ يَدَه عِنْدِي، وكَيْفَ آثَرَنِي على نَفْسِه يا رَبِّ، هَبْهُ لي، فيَقُوْلُ لَهُ: هُوَ لَكَ، فيَجِيْءُ، فيَأْخُذُ بيَدِ أَخِيْه، فيُدْخِلُه الْجَنَّةَ»[1].