قابلوه، أأحسنوا وصفه ومدحه أم أنّهم شتموه؟ أأستجابوا لدعوته أم أنّهم أدبروا عنه وتركوه؟ أحضروا مجلس وعظه وتكاثروا فيه أم أنّهم هجروه ومروا مرور الكرام به فلم يجلسوا فيه؟ أعذروه أم عيروه؟ أوقَّروه أم أهانوه؟ كلّ هذا لا يهمه، ونتيجته لا تغمه، ما دام المبتغى هو الله والمقصد هو الله وليس يعامل أحداً سواه لا يعمل لغير وجهه، ولا يرجو غير رضاه، فمهما حصل ومهما كان، إن حصل ما توقع أم صار ما ليس بالحسبان، لا يرجع الداعي إلى طريق الحقّ عن دعوته، ولا تضعف همته ولا تخور عزيمته بل يقف كالطود الشامخ في وجه أعداء دين الله، يجول الحمى مبلغاً دين الله ويروي الظمأ بغيث آيات الله ويجلو العمى بأنوار سنّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا أقبلت عليه الدنيا قال لها: غري غيري، وإذا اجتمعت عليه شياطين الإنس والجن لاذ بالله قائلاً: الله حسبي، له بخير الأنبياء وبمن سلف من الأولياء قدوةٌ وأسوةٌ حسنة ولتستمعوا إلى هذه القصص العجيبة التي جرت مع سيّدنا الغوث الأعظم رضي الله تعالى عنه لتدركوا مدى ثبات الأولياء على دين الله، ومدى إخلاصهم ويقينهم بالله وخشوعهم بين يديه، وإقبالهم عليه:
أولاً: الصبر والمصابرة لتبليغ أمر الله
لمّا جلس الإمام عبد القادر للوعظ في سنة ثلاثين وخمس مئة لم يحضر مجلس وعظه في البداية إلاّ اثنان أو ثلاث ومع ذلك لَم تفتر