فرعون كانت له بنْتٌ لَمْ يكن له وَلَدٌ غيرُها وكان بها بَرَصٌ شَدِيْدٌ، وكان فرعون يُحِبُّها حُبًّا شديدًا، وكان قد شاوَرَ الأَطِبّاء والسَّحَرَة في أمْرِها، فقالوا: أيُّها الْمَلِكُ! لا تَبْرَأُ هذه إلاّ مِن قِبَلِ البَحْرِ يوجَدُ منه شِبْهُ الإنسان فيُؤْخَذُ مِن ريْقِه فيُلْطَخُ به بَرَصُها فتَبْرَأُ مِن ذلك، وذلك في يومِ كذا في شَهْرِ كذا حين تَشْرُقُ الشَّمْسُ، فلمّا كان ذلك اليوم غدا فرعون إلى مَجْلِسٍ كان له على شَفِيْرِ النّيل ومَعَه آسِية بنت مزاحم (آسِيَةُ الّتي أَسْلَمَتْ بموسى عليه السّلام)، إذْ أقْبَلَ النّيل بتابوت تَضْرِبُه الأمْواجُ وتَعَلَّقَ بشَجَرَةٍ فقال فرعونُ: ائْتُوْنِيْ به فابْتَدَرُوْه بالسُّفُنِ مِن كُلِّ جانبٍ حتّى وَضَعُوْه بين يَدَيْه فعالَجُوْا فتْحَ البابِ فلَمْ يَقْدِرُوْا عليه، وعالَجُوْا كَسْرَه فلَمْ يَقْدِرُوْا عليه، فنَظَرَتْ آسِية فرَأَتْ نورًا في جَوْفِ التّابوتِ لَمْ يَرَه غَيْرُها فعالَجَتْه وفَتَحَتْه، فإذا هي بصَبِيٍّ صَغِيْرٍ في الْمَهْدِ وإذا نورٌ بين عَيْنَيْه فأَلْقَى اللهُ مَحَبَّتَه في قُلُوْبِ القومِ وعَمَدَتْ ابْنَةُ فرعون إلى رِيْقِه فلَطَخَتْ به بَرَصَها فبَرِئَتْ وضَمَّتْه إلى صَدْرِها فقالَتْ الغُواةُ من قومِ