مطهّرًا عن خبثٍ.
أقول: وربّما يترجّح به قول من قال: إنّ الموت حدث وأفاد في طهارة "البحر الرائق": أنّه الأصحّ فإنّ التيمّم لم يعرف إلّا مطهّرًا عن نجاسةٍ حكميّةٍ، قال تعالى: ﴿ أَوۡ جَآءَ أَحَدٞ مِّنكُم مِّنَ ٱلۡغَآئِطِ أَوۡ لَٰمَسۡتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمۡ تَجِدُواْ مَآءٗ فَتَيَمَّمُواْ﴾ [النساء: ۴/۴۳]، الآية إلّا أنْ يُقال: إنّ المولى[1] سبحانه وتعالى جعل هذا المسح بالصعيد مزيلًا للخبث عن جميع بدن الميّت عند امتناع الغسل تفضّلًا منه وتكرّمًا تعبّدًا غير معقول المعنى كما جعل المسح بالحجر مزيلًا له في الاستنجاء، والله تعالى أعلم.
الثاني: يؤمر الصبيّ العاقل بالوضوء، والصلاة فإنْ كان مريضًا، أو على سفرٍ، ولم يجد ماء تيمّم، ولا يخرج تيمّمه مِن التيمّم الشرعي كوضوئه وصلاته مع أنّه لا يحدث عنده كما بيّناه في "الطرس المعدل") فيراد فيه صورة التطهير، وإنْ لم يكن تطهيرًا حقيقية لعدم النجاسة الحكميّة فكان كقول "الخانية" الصبيّ العاقل إذا توضّأ يريد به التطهير ينبغي أنْ يصير الماء مستعملًا؛ لأنّه نوى قربة معتبرة[2]، انتهى. تأمّل.
[1] وهو حاشية المؤلّف نفسه نقلتها دون أيّ تصرّف: ((ولا بدّ للقائلين بالحقيقيّة أيضًا الالتجاء إلى مثل هذا فقد نصّوا أنّ الميّت تكفي فيه غسلة واحدة وإنّما التثليث سنّة ولو كانت حقيقيّة لوجب التثليث، فأجابوا بأنّ هذا مِن تكريم الله سبحانه وتعالى عبده المسلم الميّت جعله تطهيره بمرّةٍ واحدةٍ، انتهى منه غُفر له)).
[2] "فتاوى قاضيخان"، آخر فصل في الماء المستعمل، ١/٩، لكنؤ الهند.