عنوان الكتاب: فضائل الكسب الحلال وعقوبات أكل الحرام

فَإِذَا أَنَا بِخَادِمٍ قَدْ أَقْبَلَ وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ، فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ ثُمَّ صَاحَ: يَا نَاظُورُ![1].

فَقُلْتُ: هُوَ ذَا أَنَا.

قال: اِذْهَبْ فَأْتِنَا بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ تَقْدِرُ عَلَيْهِ وَأَطْيَبِهِ.

فَذَهَبْتُ فَأَتَيْتُهُ بِأَكْبَرِ رُمَّانٍ، فَأَخَذَ الْخَادِمُ رُمَّانَةً فَكَسَرَهَا فَوَجَدَهَا حَامِضَةً.

فقال لي: يَا نَاظُورُ! أَنْتَ فِي بُسْتَانِنَا مُنْذُ كَذَا، تَأْكُلُ فَاكِهَتِنَا، وَتَأْكُلُ رُمَّانَنَا لَا تَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ؟

قال إبراهيم: قُلْتُ: وَاللهِ! مَا أَكَلْتُ مِنْ فَاكِهَتِكُمْ شَيْئًا، وَمَا أَعْرِفُ الْحُلْوَ مِنَ الْحَامِضِ.

فَأَشَارَ الْخَادِمُ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: أَمَا تَسْمَعُونَ كَلَامَ هَذَا؟

ثُمَّ قَالَ: أَتُرَاكَ لَوْ أَنَّكَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ - رحمه الله تعالى- مَا زَادَ عَلَى هَذَا، فَانْصَرَفَ.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ ذَكَرَ صِفَتِي فِي الْمَسْجِدِ، فَعَرَفَنِي بَعْضُ النَّاسِ، فَجَاءَ الْخَادِمُ وَمَعَهُ عُنُقٌ مِنَ النَّاسِ.

فَلَمَّا رَأَيْتُهُ قَدْ أَقْبَلَ مَعَ أَصْحَابِهِ اخْتَفَيْتُ خَلْفَ الشَّجَرِ، وَالنَّاسُ دَاخِلُونَ، فَاخْتَلَطْتُ مَعَهُمْ وَهُمْ دَاخِلُونَ وَأَنَا هَارِبٌ.


 

 



[1] الناطور، والناظور: سيّد القوم، أو المتولي إدارة شيء ما.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

30