وقال الإمام القرطبي رحمه الله: لا سيّما وقد رُوي من طريق التّواتُر -من غير أن يحتمل تأويلًا- بإجماع الأمّة قوله ﷺ: «لَا نَبِيَّ بَعْدِيْ» وقال تعالى: ﴿وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ﴾ [الأحزاب: ۴۰]، وسيدنا الخضر وإلياس عليهما السلام جميعًا باقيان مع هذه الكرامة، فوجب أن يكونا غير نبيّين؛ لأنّهما لو كانا نبيَّين لوجب أن يكون بعد نبيّنا ﷺ نبيٌّ، إلّا ما قامت الدلالةُ في حديث سيدنا عيسى عليه السلام أنّه ينزل بعده.
قلت: سيدنا الخضر عليه السلام كان نبيًّا -على ما تقدّم- وليس بعد نبيّنا ﷺ نبيٌّ، أيْ: يدّعي النبوة بعده أبدًا، والله أعلم[1].
(1) عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «فُضِّلْتُ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا وَمَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ»[2].
قال الإمام القسطلاني رحمه الله: خصوصيّاته ﷺ كثيرة، والتنصيص على عددٍ لا يدل على نفي ما عداه([3]).
قد شرح الإمام الملا علي القاري رحمه الله هذا الحديث الشريف، وإليكم ما ذكره في الشرح: