إخوتي الأحبّة! لقد أعطى الإسلامُ أهمِّيَّةً كبيرةً للحياء، حيث قال رسول الله ﷺ مُبَيِّنًا أهمّيَّته: «الإِيْمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيْمَانِ»[1].
وفي روايةٍ أخرى أخرجها الإمام الترمذي رحمه الله تعالى في "سننه": قال سيّدنا رسولُ الله ﷺ: «اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الحَيَاءِ».
قُلْنَا: يَا نبيَّ اللهِ! إِنَّا لَنَسْتَحْيِيْ وَالحَمْدُ لِلَّهِ.
قال: «لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللهِ حَقَّ الحَيَاءِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالبَطْنَ وَمَا حَوَى»[2].
قال العلّامة الملّا علي القاري رحمه الله تعالى: ليس حقُّ الحياءِ مِن الله تعالى ما تَحْسَبُونه، بل أنْ يَحفَظَ نفسَهُ بجميع جوارِحِه، «أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ» أي: عن اسْتِعمالِه في غير خدمة اللهِ تعالى بأَنْ لا يَسجُدَ لِصَنَمٍ، أو لأحدٍ تعظيمًا له، ولا يُصلِّيَ للرّياء، ولا يَخْضَعَ به لغير الله تعالى، ولا يَرفَعَهُ تَكَبُّرًا.
«وَمَا وَعَى» أي: جَمْعُهُ الرَّأسَ مِن اللِّسَانِ والعينِ والأُذُنِ عمّا لا يحِلُّ اسْتعمالُهُ، «وَالبَطْنَ» أي: عن أكلِ الحرام، «وَمَا حَوَى» أي: ما اتّصَلَ اجْتِماعُه به مِن الفَرْجِ والرِّجلَينِ واليدَينِ والقَلبِ.