عنوان الكتاب: فضل إخفاء الأعمال الصالحة

أحبّتي الكرام! لقد عرفتم أنّ مَن يقدِر على إخفاء الحسنات فَليخفِها؛ لأنّ عمل السرّ أفضلُ من عمل العلانية، فيفضل عمل السرّ على عمل العلانية سبعين ضعفًا، وصلاة النافلة في السرّ أفضل من صلاة النافلة في العلانية، ومَنْ صَلّى ركعتين في خَلَأٍ لا يراه إلّا اللهُ تعالى والملائكةُ كُتِبَ له براءةٌ من النار[1]، والعمل الصالح في السرّ يطفئ غضب الربّ، وينقذ من التكبّر والأنانية ومهالك النفاق، ويورث المكان الحميد تحت ظلّ عرش الرحمن، ويكفّر الذنوب ويمحو الخطايا، وتصلّي عليه الملائكة ويحفظونه.

قال سيدنا كعب الأحبار رحمه الله تعالى: مَنْ تَعَبَّدَ لِلَّهِ لَيْلَةً حَيْثُ لَا يَرَاهُ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَمَا يَخْرُجُ مِنْ لَيْلَتِهِ[2].

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: مَنْ سَرَّهُ أَنْ تَصْحَبَهُ كَتَائِبُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَسْتَغْفِرُونَ لَهُ وَيَحْفَظُونَهُ، وَيُكْفَى مَا أَهَمَّهُ؛ فَلْيُخْفِ فِي بَيْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ مَا شَاءَ، وَالْمَسَاجِدُ بُيوتُ الْمُتَّقِينَ فِي الْأَرْضِ، وَيُبَاهِي اللهُ تَعَالَى مَلَائِكَتَهُ بِالْمُخْفِي صَلَاتَهُ وَصِيَامَهُ وَصَدَقَتَهُ[3].

ولقد أثنى الله سبحانه وتعالى على المتصدّقين والمنفقين في سبيله سرًّا، فقال جلّ وعلا في محكم تنزيله: ﴿إِن تُبۡدُواْ ٱلصَّدَقَٰتِ فَنِعِمَّا هِيَۖ


 

 



[1] "كنز العمال"، كتاب الصلاة، الجزء السابع، ٤/١٢٥، (١٩٠١٥).

[2] "حلية الأولياء"، كعب الأحبار، ٥/٤٢٠، (٧٥٩٠).

[3] "حلية الأولياء"، كعب الأحبار، ٥/٤٢١، (٧٥٩٥).




إنتقل إلى

عدد الصفحات

25