فضل طلبة العلم
قال سيدنا يحيى بن يحي رحمه الله تعالى: (وهو مِن تلامذة سيدنا أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه): أوّل ما حدّثني سيدنا مالك بن أنس رحمه الله تعالى حين أتيتُه طالبًا لَمَّا ألهمني الله إليه في أوّل يومٍ جلستُ إليه، قال لي: اسمك؟
قلتُ له: أكرمك الله، يحيى.
فقال لي: يا يحيى! الله الله، عليكَ بالجدِّ في هذا الأمر، وسأحدّثك في ذلك بحديثٍ يرغّبك فيه، ويزهدك في غيره.
قال: قدِمَ المدينة غلامٌ مِن أهل الشام بحداثة سنّك، فكان معنا يجتهد ويطلب حتّى نزل به الموت، فلقد رأيتُ على جنازته شيئًا لم أر مثله على أحدٍ مِن أهل بلدنا، لا طالب ولا عالم، فرأيتُ جميع العلماء يزدحمون على نعشه.
فلمّا رأى ذلك الأمير أمسك عن الصلاة عليه، وقال: قدِّمُوا منكم مَنْ أحببتُم، فقدَّمَ أهلُ العلم ربيعةَ رحمه الله تعالى، ثمّ نهض به إلى قبره، فألحده في قبره سيدنا ربيعة وزيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد، وابن شهاب، وأقرب النّاس إليهم: محمّد بن المنذر، وصفون بن سليم، وأبو حازم وأشباههم رحمهم الله تعالى، وبنى اللَّبِن على لحده سيدنا ربيعة رحمه الله تعالى، وهؤلاء كلّهم يناولوه اللَّبِن.