عنوان الكتاب: عظام الملوك

شَدُّوا الْمَآزِرَ مِنَ الْآنِ

أيها الْإِخْوَة الْمُسْلِمُوْنَ! لاَ شَك أنَّ الْكيسَ مَنِ اسْتَعَدَّ لِلْمَوْتِ قَبْلَ مَجِيئِه وَادَّخَرَ الْحَسَنَاتِ، وَدَخَلَ قَبْرَه مَعَ مِصْبَاحِ سُنَنِ الْمُصْطَفَى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وَإِلاَّ الْقَبْرُ لاَ يرَاعِيْ مَنْ دَخَلَ فِيه سَوَاءٌ كانَ غَنِياً أوْ فَقِيراً، وَزِيراً كانَ أوْ مُشِيراً، حَاكماً كانَ أوْ مَحْكوْماً، مُوَظِّفاً كانَ أوْ عَاطِلاً، سَيداً كانَ أوْ عَبْداً، طَبِيباً كانَ أوْ مَرِيضاً، مُقَاوِلاً كانَ أوْ عَامِلاً، إِنْ نَقَصَ عِنْدَه شيء مِنْ زَادِ الْآخِرَة بِتَأخِيرِ الصَّلَوَاتِ عَنْ وَقْتِها، أوْ تَرْك صِيامِ رَمَضَانَ بِدُوْنِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ، أوِ التَّقْصِيرِ في أداء الزَّكاة مَعَ الْقُدْرَة، أوْ لَمْ يحُجَّ مَعَ الْاِسْتِطَاعَة، أوْ لَمْ يحْتَرِزْ مِنَ الْكذْبِ وَالنَّمِيمَة وَعُقُوْقِ الْوَالِدَينِ وَلَمْ يزَلْ يحْلِقُ اللِّحْية، وَاشْتَغَلَ بِالْمَسْرَحِياتِ الْمَمْنُوْعَة وَالْغِنَاءِ الْمُحَرَّمِ وَالْأفْلاَمِ، وَلَمْ ينْصَحْ أهلَه بِالْحِجَابِ، اَلْحَاصِلُ: أنَّه قَضَى عُمْرَه فِي الْمَعَاصِيْ وَاِرْتِكابِ الْمُحَرَّمَاتِ الشَّرْعِية، فَلَا يحْصُلُ لَه سِوَى الْحَسْرَة وَالنَّدَامَة فِيمَا إِذَا غَضِبَ الله تعالى  وَرَسُوْلُه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم .

أمَّا الَّذِيْ أدَّى الْفَرَائِضَ مَعَ الْاِلْتِزَامِ بِالنَّوَافِلِ، صَامَ الْفَرِيضَة وَالتَّطَوُّعَ، وَنَشَرَ دَعْوَة الْإِسْلاَمِ في كلِّ مَكانٍ، وَتَعَلَّمَ كتَابَ اللّٰهل وَعَلَّمَه النَّاسَ، وَلَمْ يتَرَدَّدْ في إِلْقَاءِ الدُّرُوْسِ على الشَّوَارِعِ، اِلْتَزَمَ بِدَرْسٍ في بَيتِه، وَسَافَرَ فِي الْقَوَافِلِ الْمَدَنِية لِيعَلِّمَ السُّنَنَ، وَحَثَّ النَّاسَ على السَّفَرِ فِي"الْقَوَافِلِ الْمَدَنِية"، وَسَجَّلَ يوْمِياً وَبِاِلْتِزَامِ جَدْوَلِ الْأعْمَالِ الْمُسَمَّى بِـ "الْإِنْعَامَاتِ الْمَدَنِية"، وَأرْسَلَها شَهرِياً إلى الْمَسْؤُوْلِ عَنْها، فَإِنْ شاء الله تعالى لاَ يزَالُ يتَمَوَّجُ بَحْرُ الرَّحْمَة في قَبْرِه إلى يوْمِ الْقِيامَة، وَلاَ تَزَالُ تَسِيلُ عَلَيه ينَابِيعُ نُوْرِ الْمُصْطَفَى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم .


 




إنتقل إلى

عدد الصفحات

22