عنوان الكتاب: عظام الملوك

لَا ينْفَعُ الْاِبْنُ الْمُدَلَّلُ أمَّه

عَنْ سَيدِنَا الْفُضَيلِ بْنِ عَياضٍ-رَحِمَه اللّٰه تعالى- قَالَ: تَلْقَى الْوَالِدَة  وَلَدَها يوْمَ الْقِيامَة فَتَقُوْلُ: يا اِبْنِيْ! ألَمْ يكنْ بَطْنِيْ لَك وِعَاءً، ألَمْ يكنْ ثَدَيَّ لَك سِقَاءً؟ فَيقُوْلُ: بَلَى يا أمَّاه! فَتَقُوْلُ: قَدْ أثْقَلَتْنِيْ ذُنُوْبِيْ فَتَحَمَّلْ عَنِّيْ مِنْها ذَنْباً وَاحِداً، فَيقُوْلُ: إِلَيك عَنِّيْ فَأنَا مَشْغُوْلٌ بِنَفْسِيْ عَنْك وَعَنْ غَيرِك. أيْ: يا أمِّيْ! اِبْتَعِدِيْ عَنِّيْ، لاَ أحْمِلُ حَمْلَك وَلاَ حَمْلَ غَيرِك[1].

اَلْاِنْغِمَاسُ فِي الْعَرَقِ

أيها الْإِخْوَة الْمُسْلِمُوْنَ! مَعَ كلِّ هذِه الشَّدَائِدِ لاَ فِرَارَ لِلْإِنْسَانِ مِنْ مُوَاجَهة الْألَمِ وَالْجُوْعِ وَالْعَطَشِ، وَهنَاك لَا ظِلَّ إِلاَّ ظِلَّ عَرْشِ الْمَوْلَيل وَهوَلَيسَ لِأحَدٍ إِلَّا الْمُقَرَّبِينَ، وَأمَّا غَيرُهمْ مِنَ الْخَلْقِ فَهمْ يضْطَرِبُوْنَ في حَرَارَة الشَّمْسِ، وَيتَدَافَعُوْنَ بِكثْرَة الزِّحَامِ، وَيعْرَقُوْنَ بِسَبَبِ النَّدَمِ على الْمَعَاصِيْ وَحَرَارَة الْأنْفَاسِ مَعَ لَفَحَاتِ الشَّمْسِ الْمُحْرِقَة وَالْخَوْفِ الشَّدِيدِ حتى يصِلَ الْعَرَقُ إلى سَبْعِينَ ذِرَاعاً دَاخِلَ الْأرْضِ، ثُمَّ كلُّ أحَدٍ على حَسْبِ ذُنُوْبِه ينْغَمِسُ في عَرَقِه، مِنْهمْ مَنْ يصِلُ عَرَقُه إلى كعْبَيه، وَمِنْهمْ مَنْ يصِلُ عَرَقُه إلى حَقْوِيه، وَالْبَعْضُ مِنْهمْ إلى صَدْرِه، وَبَعْضُهمْ إلى أنْصَافِ أذُنَيه، وَمِنْهمْ مَنْ يلْجِمُه الْعَرَقُ إِلْجَاماً، فَعَنْ سَيدِنَا عَبْدِ اللّٰه بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللّٰه تعالى عَنْهمَا- قَالَ: قَالَ الْحَبِيبُ الْمُنَزَّه عَنِ الْعَيبِ صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: (({يَوۡمَ يَقُومُ ٱلنَّاسُ لِرَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} يقُوْمُ أحَدُهمْ في رَشْحِه إلى أنْصَافِ أذُنَيه))[2].


 



[1] الروض الفائق، المجلس الثامن والعشرون، صــ١٨٤.

[2] صحيح البخاري،كتاب الرقاق، باب قول الله: {أَلَا يَظُنُّ أُوْلَٰٓئِكَ أَنَّهُم مَّبۡعُوثُونَ}، (٦٥٣١)، ٤/٢٥٥.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

22